بعد هذا ظهرت مسألة التصوير والخروج في القنوات، ثم تساهل من تساهل إلى أن صار في مصاف المغنيين والمجان، له نوبة ولهم نوبة، وصار أيضاً في مصاف المبتدعة، لهم نوبة وله نوبة، فتارة يخرج هذا باسم الدين، وتارة يخرج مغني، وتارة يخرج مشبه وملبس على الناس، يثير فيهم الشبهات، وهذه حال كثير من القنوات، والله المستعان.
فعلى الإنسان أن يحتاط لدينه، ولا يبادر في كل شيء قبل أن يدرس حقيقته، والآثار المترتبة عليه، لو يعلم فلان من الناس من أهل العلم أنه إذا خرج في هذه القناة السيئة التي تبث الشبهات والشهوات والأغاني والمجون وصور النساء، وتمكن الناس من رؤية المومسات -نسأل الله السلامة والعافية-، التي هي دعوة أم جريج عليه، لو يعلم أنه بمشاركته في هذه القناة هو قد يكون مجتهد، هو قد يكون ممن يزاحم ليخفف الشر، ويوصل الخير إلى أناس لا يمكن أن يصل إليهم إلا بهذه الطريقة، بعض الناس ما عندهم قنوات خير، ما عندهم إلا هذه الوسائل فيصل، هذا اجتهاد، لكن هل الأثر المترتب على مثل هذا الاجتهاد مثل الضرر المترتب عليه، كثير من الناس يرى أن فلاناً من المشايخ خرج في هذه القناة إذاً هي قناة خير، وخروجه فيها تشريع لها، وعلى كل حال على الإنسان أن يتريث ولا يستعجل في مثل هذه الأمور.
((وأحسن الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ألا وإياكم ومحدثات الأمور، فإن شر الأمور محدثاتها)) يعني ما يبتدع في الدين، وما يخترع فيه من غير أن يسبق له شرعية من كتاب أو سنة هذا هو شر الأمور، شر الأمور يعني الدينية، أما أمور الدنيا فالأمر فيها سعة، ولا يدخل فيها الابتداع، اللهم إلا أن التوسع في أمور الدنيا قد يجر إلى ما وراءه من التساهل بالشبهات والمكروهات ثم المحرمات.