"ومالك" نجم السنن مالك بن أنس إمام دار الهجرة، مولود سنة ثلاث وتسعين توفي سنة تسع وسبعين ومائة، وممن أخذ عليه الشافعي، أخذ عنه العلم الشافعي، والإمام مالك نجم السنن، ومذهبه مشهور، وأيضاً أتباعه فيهم كثرة، ويكثرون في المغرب، كثرتهم في المغرب، والإمام أبو حنيفة يقولون: الإمام الأعظم، وهو أكثر الأئمة تبعاً، وكل المسلمين في المشرق على مذهبه -رحم الله الجميع-، ولد سنة ثمانين، ومات سنة مائة وخمسين، ومذهبه معروف ومشهور، وأتباعه فيهم كثرة، ولهم أيضاً وجود في التأليف والتفاسير، وشروح الحديث والفقه لهم أيضاً يد طولى في هذا الباب.
ثم أحمد إمام أهل السنة، الإمام أحمد بن محمد بن حنبل آخر الأئمة وجوداً، وهو من الأئمة الفقهاء، ومن أهل الحديث والأثر، وإن غلب عليه الرواية إلا أن فقهه معروف ومدون ومشهور، وأتباعه أيضاً لهم وجود إلا أنهم أقل، الإمام أحمد أقل تبع من الأئمة الثلاثة، حتى إن بعضهم لا يعده من الفقهاء، لماذا؟ لأنه أكثرهم حديثاً فهو يحفظ من الحديث سبعمائة ألف حديث، وكونه لا يعد من الفقهاء لا يعني أنه ليس بفقيه، ابن عبد البر صنف (الانتقاء في باب فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء) ولم يدرجه معهم، وهذا أمر عادي ومعروف، وما يزال إلى يومنا هذا، أن من اشتهر بشيء، عُرف بشيء غطى هذا الشيء على غيره، يعني أنت لو تسأل عن شيخ الإسلام ابن تيمية فمباشرة ينصرف ذهنك ويتجه إلى العقيدة، وتصنفه على أنه من أئمة علماء الاعتقاد، مع أنه من كبار الفقهاء، ومن كبار المحدثين، حتى قيل:"كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث" وتفسيره للقرآن يشهد به الخاص والعام، ومعرفته للتواريخ وأحوال الأمم شيء لا يخطر على البال، هل يمكن أن يصنف شيخ الإسلام بأنه مؤرخ، مع أنه يعرف من التاريخ أكثر من ابن كثير، وأكثر من ابن الأثير، لماذا؟ لأن عنده جانب صار كالشمس في حياته، غطى ما عداه على غيره.