للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالإمام أحمد عرف بالحديث، لكن لا يعني أنه ليس بفقيه، لا يعني أنه ليس بإمام من أئمة الاعتقاد اعتقاد السلف هو حامل راية عقيدة السلف -رحمه الله-، فالناس لا يستوعبون، خلاص إذا هجم الذهن على جانب من الجوانب غطى ما عداه، يعني لو أن عالماً من أكبر العلماء اشتهر بالخطابة صنف خطيب، يصنف خطيب، الناس ما يحسنون وزن الناس، تجده إذا اشتهر بشيء خلاص كأنه لا يعرف غيره، وبعض طلاب العلم تأثراً بمثل هذا قيل له: لماذا لا تشرح كتاب الرقاق؟ قال: لا أود أن أصنف واعظ؛ لأنه إذا عرف بهذا الأسلوب جرد عن غيره، الناس كثير منهم لا يستوعب، يعني عرفت عنايته بالحديث معناه أنه ليس بفقيه، وبهذا يرمى كبار المحدثين بأنهم ليسوا بفقهاء، وعلى رأسهم الإمام أحمد، ولذا ينفر من مذهبه، وأن مذهبه مذهب أهل الحديث، وفيه شدة، الإمام البخاري -رحمة الله عليه- من كبار سادة الفقهاء، ومن نظر في الصحيح عرف حقيقة ما أقول، وعنده دقة في النظر والاستنباط، قد لا يوازيه كثير من الأئمة، فهو فقيه، وإن كان محدثاً؛ لأنه عرف بالحديث، فمن اشتهر بشيء لا شك أنه يهجم على قلوب الناس ما عرف عنه، واشتهر به، ويغطي ما عداه كالشمس، وإن كان الإمام أحمد فقهه واضح ومشهور، وأقواله متداولة، وأتباعه في كثرة، ومصنفاتهم لا تخفى على أحد.

"ثم أحمد ينقل" يعني ينقل عنهم هذا الاعتقاد، ينقل عن هؤلاء الأئمة هذا الاعتقاد، فأنا أرويه عنهم بالنقل، شيخ الإسلام يسأل عنه محمد رشيد رضا فيقال: هل شيخ الإسلام ابن تيمية أعلم من الأئمة الأربعة أم هم أعلم منه؟ فيجيب بجواب فيه إنصاف، يقول: باعتبار شيخ الإسلام ابن تيمية تخرج على كتب الأئمة الأربعة، وعلى كتب أصحابهم لا شك أن لهم الفضل عليه من هذه الحيثية، وباعتبار اطلاعه على ما كتبه الأئمة الأربعة، وكتبه أتباعهم وإحاطته بذلك لا شك أنه يفوقهم من هذه الجهة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>