للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

له أيضاً سمع وهو السميع، يسمع، يسمع السر وأخفى، يسمع دبيب النمل، سبحان من سمع من وسع سمعه الأصوات، تقول عائشة -رضي الله عنها-، قد كانت في الحجرة والمجادلة تشتكي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم تسمع، ثم نزل القرآن من السماء.

"سمع إرادة"، له إرادة حقيقية، ثابتة له بالنص والإجماع، {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [(١٦) سورة البروج]، والإرادة نوعان: إرادة كونية، وإرادة شرعية، فالكونية هي التي ترادف المشيئة، والدينية الشرعية هي التي ترادف المحبة، ترادف المحبة، فالله -جل وعلا- يريد من الخلق أن يعبدوه، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات]، هذه إرادة شرعية، ويحب أن يعبد لكن هل يلزم من هذه الإرادة الوقوع أو لا يلزم؟ لا يلزم؛ لأن هناك إرادة كونية، لأن هناك إرادة كونية، فاستجابة المدعو يجتمع فيها الإرادتان، مثلاً: إيمان أبي بكر أو عمر إيمان من آمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- اجتمعت فيه الإرادتان، وطلب الإيمان ممن لم يؤمن كأبي جهل وأبي لهب، فيه الإرادة الكونية لا الشرعية، فيه الإرادة الكونية التي ترادف المشيئة، فما شاء كان من جميع الحوادث، وما لم يشأ لم يكن، أما ما يحبه الله -جل وعلا- مما يطلق عليه الإرادة الشرعية فلا يلزم من إرادته شرعاً أن يحصل، ولو كان الأمر كذلك لآمن الناس كلهم؛ لأنه يحب أن يعبد، يحب أن يؤمنوا به، فالإرادة ثابتة لله -جل وعلا- بالنص والإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>