ظهر بعض من يعارض القرآن فمثل ما قلنا: أتى بالمضحكات، هناك كتاب للمعري اسمه هذا يقال أنه في مواعظ البريات، الفصول والغايات، الفصول والغايات في مواعظ البريات، يقال في ترجمته: أنه كان الأصل فيه أنه في معارضة الآيات، المعري معروف وضعه، رمي بالزندقة وما يستغرب أن يؤلف هذا الكتاب بهذه النية، لكن من يقرأ كتابه يعرف أن هذا الرجل رغم أنه لديه من القدرة والفصاحة ما يبهر، لكنه مع ذلك كلامه بالنسبة للقرآن لا شيء، وبعض الدعاة دعا شخصاً من النصارى ممن لا يحسن من العربية، ولا يفهم في العربية ولا حرف، فقرأ عليه شيء من القرآن، بترتيل معين، وقرأ عليه من كلام البشر بنفس الترتيل، بنفس الترتيل والنغمات وفرق بينهما، في القراءة الأولى دمعت عيناه، ووقر الإيمان في قلبه، وأما الثاني فلا شيء، قال له: هذا لا شيء، ولا يفهم من العربية شيء، يعني صناديد قريش رغم عداوتهم للنبي -عليه الصلاة والسلام- اعترفوا وأذعنوا، كما في كلام الوليد بن المغيرة وغيره، جبير بن مطعم لما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ سورة الطور يقول: كاد قلبه أن يطير، وهو مشرك قبل أن يسلم.
والنصارى إذا سمعوا يعني من تحدث عنهم القرآن في وقت التنزيل، إذا سمعوا من القرآن شيء تفيض أعينهم من الدمع، ومع الأسف أن المسلم يسمع القرآن، ويقرأ القرآن ولا يحرك فيه ساكناً، لا يحرك ساكناً، يعني مثل ما تقدم أن المسلم يردد لا إله إلا الله ويأتي بالنواقض، ويقرأ القرآن، وكأنه يقرأ جريدة، ويسمع القرآن بالأصوات المؤثرة ومع ذلك كأنه يسمع نشرة أخبار، لا يؤثر فيه شيء.
. . . . . . . . . ... أعيا الورى بالنص يا عليم
"أعيا الورى بالنص"، والواقع عجزوا أن يأتوا بشيء، ولا بسورة من مثله، أعياهم يعني أعجزهم.
"يا عليم": فعيل صيغة مبالغة، الله -جل وعلا- سميع عليم، من صفاته، الله -جل وعلا- عالم ويعلم وعلام الغيوب وعليم لكن لا يقال له علامة، والبشر في المبالغة يقال له: علامة، لكن هل يقال له عليم؟ وصيغة مبالغة فعيل؟ هل يقال للبشر عليم؟ {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [(٧٦) سورة يوسف]؟