للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا نفى الحد عن الله -جل وعلا- وهذا مثل ما تقدم، لم يرد به نص، لا نفي ولا إثبات، فلا يجوز إطلاقه ولا نفيه، ويستفصل فيه إذا ورد في كلام أحد ما مرادك بالحد؟ فإن أراد بالحد أنه متميز عن غيره متميز عن غيره بائن من خلقه كما تعرف حدود الأشياء التي تميزه عن غيره، بحيث لا يختلط بغيره، فالله -جل وعلا- مستو على عرشه بائن من خلقه، وإن أراد أنه لا يحد، يعني لا يعرف فمعرفته بما جاء عنه ممكنة، بما جاء عنه فقط، يعني لا يزيد على ما جاء عنه، ويأتي -جل وعلا- يوم الفصل بالصفة التي يعرفونها، فهو يعرف بصفاته التي ذكرها في كتابه وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فماذا عن من ينكر هذه الصفات؟ هل يسجد له إذا رآه على الصفة التي جاءت في الكتاب والسنة؟ لأنه لا يعرف، إذا ما يثبت صفات ما يعرفه، ولا طريق إلى معرفته إلا بصفاته؛ لأنه يأتي على غير صفته، فيقول المؤمنون: لست ربنا، ثم يأتي على صفته التي ذكرها فيسجد ويخر المؤمنين سجداً له -جل وعلا-، فهذا من أعظم ما، ومن أخوف ما يخاف على هؤلاء المبتدعة، أنهم كيف يسجدون وهم لا يعرفونه؟

جاء عن بعض السلف ذكر الحد، ذكروا عن الإمام أحمد قوله: وهو على العرش بلا حد، ثم قال: قد استوى على العرش، أي استوى كيف شاء، ليس كمثله شيء، ولا ينافي يقول: ما نص عليه هو يعني أحمد وغيره من الأئمة كابن المبارك، قالوا: على العرش بحد، في الأول قال: بلا حد، وفي الثاني قال: بحد، قال أحمد: هكذا هو عندنا، يعني أنه عال على عرشه بائن من خلقه، وكل هذا يدور على ما المراد من معنى الحد، فإن كان المراد به المعنى المقبول وأنه بائن من خلقه مستو على عرشه، بائن من خلقه فهذا الكلام صحيح، وإن أريد به أنه لا صفة له تحدده وتميزه فإن هذا ممنوع.

يقول ابن القيم: المبتدعة يقولون: ننزه الله عن الحدود والجهات أنه ليس فوق السماوات ولا على العرش، يريدون بقولهم هذا أنه ليس فوق السماوات، ولا على العرش ولا يشار إليه، ونحو ذلك، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

فلا يحيط علمنا بذاته ... كذاك لا ينفك عن صفاته

<<  <  ج: ص:  >  >>