في أول الأمر، في أول الأمر أشار بعض السلف قال: أعيتهم النصوص أن يحفظوها، عجزوا عن حفظ النصوص فصاروا يتعاملون معها بالرأي، يعني الحديث الواحد بدلا من أن يتفقهوا من أحاديث كثيرة نعم، والأحاديث تحتاج إلى حفظ، النصوص تحتاج إلى حفظ، فصاروا يطولون المناقشات، وجلساتهم التي يزعمون أنها علمية بالقيل والقال لماذا؟ لأن ما عندهم رصيد من النقول، أعيتهم النصوص أن يحفظوها فلجئوا إلى العقول، طيب نرى بعض بعض أهل العلم المعتبرين عنده حفظ من النصوص كثير، وتجد في درسه تمر الآيات والأحاديث بكثرة، وتجد النوع الآخر، يعني هذا عنايته بالنقل والأثر، والآخر عنايته بالنظر والدراية، يسمونها الدراية، فتجده يتحدث بالحديث الواحد ويذكر فيه من الاحتمالات ما يذكر، ويستنبط منه ما يستطيع استنباطه، ويوفق في كثير من الاستنباطات، هل نقول إن هذا أعياه حفظ النصوص فشغل وقته بهذه الاستنباطات؟ لا، الاستنباط مطلوب؛ لأن المطلوب الفهم الذي يترتب عليه العمل، لا النقول، لا المناقشات العقيمة التي نهايتها رد الخبر، ليس المراد أن يطول القيل والقال من أجل أن يرد الخبر، لا هذا يطول في الاستنباط من أجل إيش؟ أن يستثمر أكبر قدر من الخبر، والقرآن والسنة ما نزل القرآن، وما تحدث النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ليعمل بهذه النصوص، وإذا لم نستعمل النظر في الاستنباط من هذه الأحاديث، واقتصرنا على الظاهر صرنا ظاهرية، لكن يبقى أن الإيغال في الاستنباط والنظر في الحديث من وجوه بعضها قوي، وبعضها ضعيف، واستدلالات من الحديث بعضها أصلية، وبعضها تبعية، وبعضها لا يقره عقل، يعني نقرأ في الشروح أشياء بعيدة كل البعد عن مدلول الحديث، نعم الاسترسال في مثل هذه الأمور يجب التقليل منه، والاقتصار بقدر الحاجة؛ لأن هذا حصل وتكلم بعض الطلاب بل بعض العلماء في بعض من أجل هذا.