للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم يقول: دروس فلان من المشايخ إنما هي مجرد قراءة نصوص، يقرئ عليه عشرة أحاديث ثم يتكلم عليها بخمس دقائق وينتهي، وبعضهم يقرئ عليه حديث واحد أو يقرأ حديث واحد ثم بعد ذلك يستغرق الشرح عليه ساعات، نقول: إذا كان الحديث من الجوامع التي يمكن أن يستنبط منه ما يتعلق بأبواب الدين سواء كان في جميعها كحديث الأعمال بالنيات، أو كثير منها كما في الأحاديث الجوامع، مثل هذا لا مانع من أن يكتب عنه مجلد إيش المانع؟ لكن مجلد علم، ما هو مجلد إنشاء، يمكن اختصاره بورقة؛ لأن بعض الكتب يكتب، يعطى أسلوب ويكتب، هات، ومن ورقة لأخرى إلى أن يصل ألف ورقة في حديث واحد، أو في آية واحدة، وفي النهاية يمكن اختصاره في شيء يسير.

شيخ الإسلام لما سئل عن مسألة تتعلق بكلام الله، أجاب عنها بمائتين وثلاثين صفحة، مسألة واحدة، هل نقول إن هذا من باب الاستطراد والتطويل الذي نص العلماء على كراهته وتشقيق المسائل؟ ابن رجب لما تكلم على حديث: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)) وأنا أقرأ شرح هذا الحديث صار عندي ثاني حال، خفت أحاسب نفسي هل أنا من اللي يشقق المسائل بدون فائدة، أو نبحث عن الفائدة؛ لأن كلام السلف في هذا كثير، لا سيما ابن رجب في كتبه كثيرا ما يلمز بكثرة الكلام حول النصوص، يعني هدي السلف وطريقة السلف أنهم يتكلمون عن المسألة بكلمتين ثلاث ما يزيدون، يعجبني أو لا يعجبني، أو يقولون كلام مختصر وجامع، ولا يستطردون، من هذا إلى عصر الإمام أحمد ومن بعده ثم احتاج الناس، احتاج أهل السنة إلى تطويل الكلام في مقابل كلام المبتدعة؛ لأن كل كلام المبتدعة عقلي، ويحتمل وجوه، ويحتاج إلى نقض، تجد شيخ الإسلام ينقض مسألة بكتاب، هل نقول إنه يخالف هدي السلف في هذا؟ لا، وابن رجب -رحمه الله- في فضل علام السلف على الخلف قال: "من فضل عالما على آخر لكثرة كلامه فقد أزرى بسلف هذه الأمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>