كانت رحلة الإمام الطبري لطلب العلم ونشره رحلة طويلة، ولذا ذكرتها بصيغة المفرد الدال على اسم الجنس؛ لأنها وإن تعددت رحلاته فقد كانت بمثابة الرحلة الواحدة المتصلة منذ خروجه من بلده (طبرستان) حوالي سنة ست وثلاثين ومائتين، بعد أن كتب عن شيوخها وشيوخ الري، متنقلا عبر البلاد إلى بغداد، التي دخلها بعد وفاة الإمام أحمد سنة إحدى وأربعين، ومائتين فسمع من شيوخها ثم انتقل إلى واسط، فالبصرة، فالكوفة، ثم توجه عبر الشام إلى مصر، فسمع وكتب وروى عن شيوخ الشام والجزيرة والأجناد، والثغور في المصيصة، والرقة، ودمشق وحمص وبيروت وعسقلان وغزة والرملة وبيت المقدس، واستمرت رحلته في هذه البلاد نحو خمس عشرة سنة إلى أن دخل مصر أول مرة سنة ثلاث وخمسين ومائتين، ثم عاد إليها مرة أخرى سنة ست وخمسين