للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

معارض للنهي عن تمني الموت، وليس كذلك، وإنما في هذا أن هذا القدر سيكون لشدة تنزل بالناس من فساد الحال في الدين، أو ضعفه، أو خوف ذهابه لا لضرر ينزل في الجسم، كذا قال" (١)، وكأنه يريد أن النهي عن تمني الموت هو حيث يتعلق بضرر الجسم، وأما إذا كان لضرر يتعلق بالدين فلا … وقال غيره: ليس بين هذا الخبر وحديث النهي عن تمني الموت (٢) معارضة؛ لأن النهي صريح، وهذا إنما فيه إخبار عن شدة ستحصل ينشأ عنها هذا التمني، وليس فيه تعرض لحكمه، وإنما سيق للإخبار عما سيقع. قلت: ويمكن أخذ الحكم من الإشارة في قوله: " وليس به الدين إنما هو البلاء "، فإنه سيق مساق الذم والإنكار، وفيه إيماء إلى أنه لو فعل ذلك بسبب الدين لكان محمودًا، ويؤيده ثبوت تمني الموت عند فساد أمر الدين عن جماعة من السلف.

قال النووي: "لا كراهة في ذلك، بل فعله خلائق من السلف منهم عمر بن الخطاب، وعيسى الغفاري، وعمر بن عبد العزيز


(١) الاستذكار (٣/ ١١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٨/ ٧٦، ٦٣٥١)، ومسلم (٤/ ٢٠٦٤، ٢٦٨٠) من حديث أنس بلفظ: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي"

<<  <   >  >>