للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيرهم " (١). ثم قال القرطبي (٢): "كأن في الحديث إشارة إلى أن الفتن والمشقة البالغة ستقع حتى يخف أمر الدين ويقل الاعتناء بأمره، ولا يبقى لأحد اعتناء إلا بأمر دنياه ومعاشه نفسه وما يتعلق به، ومن ثم عظم قدر العبادة أيام الفتنة، كما أخرج مسلم (٣) من حديث معقل بن يسار رفعه: " الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"، ويؤخذ من قوله: " حتى يمر الرجل بقبر الرجل " أن التمني المذكور إنما يحصل عند رؤية القبر، وليس ذلك مرادًا، بل فيه إشارة إلى قوة هذا التمني؛ لأن الذي يتمنى الموت بسبب الشدة التي تحصل عنده قد يذهب ذلك التمني، أو يخف عند مشاهدة القبر والمقبور، فيتذكر هول المقام فيضعف تمنيه، فإذا تمادى على ذلك دلَّ على تأكد أمر تلك الشدة عنده؛ حيث لم يصرفه ما شاهده من وحشة القبر وتذكر ما فيه من الأهوال عن استمراره على تمني الموت " (٤).

* * *


(١) انظر: المنهاج (١٧/ ٨).
(٢) المفهم (٧/ ٢٤٦).
(٣) الصحيح (٤/ ٢٢٦٨، ٢٩٤٨).
(٤) فتح الباري (١٣/ ٧٥).

<<  <   >  >>