للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفتحها من الزفزفة، وهي صوت حفيف الريح. يقال: زفزفت الريح الحشيش: أي حركته، وزفزف النعام في طيرانه: أي: حرك جناحيه، وقد رواه بعض الرواة بالقاف والراء، قال أبو مروان بن سراج: يقال: بالقاف وبالفاء بمعنى واحد، بمعنى ترعدين. قلت: ورواية الفاء (أعرف) رواية، وأصح معنى، وذلك أن الحمى تكون معها حركة ضعيفة، وحس صوت يشبه الزفزفة التي هي حركة الريح وصوتها في الشجر.

قوله (لَا تَسُبِّي الْحُمَّى): مع أنها لم تصرح بسب الحمى، وإنما دعت عليها بألا يبارك فيها، غير أن مثل هذا الدعاء تضمن تنقيص المدعو عليه وذمه، فصار ذلك كالتصريح بالذم والسب.

قوله (فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ): هذا تعليل لمنع سب الحمى لما يكون عنها من الثواب، فيتعدى ذلك لكل مشقة، أو شدة يرتجى عليها ثواب، فلا ينبغي أن يذم شيء من ذلك، ولا يسب. وحكمة ذلك: أن سب ذلك إنما يصدر في الغالب عن الضجر، وضعف الصبر، أو عدمه، وربما يفضي بصاحبه إلى السخط المحرم، مع أنه لا يفيد ذلك فائدة، ولا يخفف ألمًا (١).

* * *


(١) المفهم (٢١/ ٩١).

<<  <   >  >>