للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لبيك، فبدرني ملك (١)، فقال: قل لبيك الله لبيك، فقلت: كما قال، فأدخلني دارا سمعت فيها ضجيج (٢) القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلا يقول: لا بأس عليك، ارق واقرأ، فأدرت وجهي [فإذا أنا بمنبر من درّ أبيض، دفتاه من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر، فقال لي: ارق واقرأ] (٣)، فأرقيت، فقيل لي: اقرأ سورة الأنعام، فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ، حتى بلغت الستين آية، فلما بلغت: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ (٤) قال لي: يا حمزة، ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت: بلى، قال: صدقت، اقرأ، فقرأت حتى أتممتها، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت الأعراف، حتى بلغت آخرها، فأومأت بالسجود، فقال لي: حسبك ما مضى، لا تسجد يا حمزة، من أقرأك هذه القراءة؟ قلت: سليمان، قال: صدقت، من أقرأ سليمان؟ / قلت: يحيى، قال: صدق يحيى، على من قرأ يحيى؟ قلت: على أبي عبد الرحمن السّلمي، قال: صدق أبو عبد الرحمن السّلمي، على من قرأ؟

فقلت: على ابن عم نبيك، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: صدق عليّ، على من قرأ عليّ؟ قلت على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال: من أقرأ نبيي محمدا صلى الله عليه وسلم؟ قلت: جبريل عليه السلام، قال: فمن أقرأ جبريل عليه السلام؟

فسكتّ، فقال لي: يا حمزة: قل: أنت، فقلت: ما أجسر أن أقول: أنت، قال: قل: أنت، فقلت: أنت، فقال: صدقت يا حمزة، وحقّ القرآن لأكرمن أهل القرآن، سيما إذا عملوا بالقرآن، يا حمزة: القرآن كلامي، وما أحببت أحدا كحبي لأهل القرآن، ادن يا حمزة، فدنوت فغمر يده في الغالية، ثم ضمخني بها، ثم قال: ليس أفعل هذا بك وحدك، قد فعلت ذلك بنظرائك من فوقك، ومن دونك، ومن أقرأ القرآن كما أقرأته لم يرد به غيري، وما أخبأت لك يا حمزة عندي أكثر، فأعلم أصحابك بمكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم، فهم المصطفون الأخيار، يا حمزة: وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلا القرآن بالنار، ولا قلبا وعاه، ولا أذنا سمعته، ولا عينا


(١) في الأصل: (مالك)، والمثبت من مصادر التخريج.
(٢) في الأصل: (صحيح)، والمثبت من مصادر التخريج.
(٣) ليست في الأصل، والمثبت من مصادر التخريج.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٦١.

<<  <   >  >>