وقال لي والدي رحمه الله غير مرة: ما سمعت أحدا يتلفظ بالقرآن مثله، وأرجو أن تخلفه، وقال لي: إن الشيخ أبا الحرم قال: كل أحد انتفع بشيخه إلا أنا انتفعت بتلميذي.
وقرأت أيضا القرآن كله بالروايات المذكورة ختمة واحدة على الشيخ الإمام الزاهد العابد الورع، أبي القاسم محمد بن أحمد الأندلسي، وكان قابلا من الحجاز، راحلا إلى الشام، أقام عندي مدة قراءتي عليه، وحفظني الشاطبية تلقينا، وكان زاهدا ورعا، مجردا ليس عليه سوى عباءة، لا يأخذ شيئا من سحت الدنيا، وأخبرني أنه كان يحفظ كتاب سيبويه، وأخبره أنه قرأ بالمذاهب كلها التي تضمنها الكتاب المذكور القرآن العظيم مفردا وجامعا على الشيخ الإمام المقرئ النحوي، أبي القاسم بن عامر بن ساهد الإشبيلي، وأخبره بذلك عن الشيخ الإمام العالم، فريد دهره في الإتقان والتجويد، أبي الأصبغ عبد العزيز بن علي بن محمد بن الحاج اليماني، المعروف بابن الطحان قال: أخبرنا شيخنا أبو العباس أحمد بن خلف بن عيشون، عرف بابن النحاس الأندلسي، قال: قرأته على أبي عبد الله محمد بن يحيى، قال:
قرأته على المؤلف.
وقال ابن الطحان: وقرأته/ على شيخي أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن النافعي بمدينة سبتة، سنة ثلاث وستين وخمس مائة، وقال لي:
قرأته على الإمام أبي الحسن علي بن هذيل البلنسي المقرئ، قال: قرأته على أبي داود سليمان بن نجاح، مولى المؤيد بالله، قال: قرأته على المصنف أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني رحمه الله، وأخبرني أنه قرأ القرآن كله ختمة واحدة بجميع الروايات التي تضمنها كتاب «التيسير» على الشيخ الإمام العالم الزاهد العابد الورع الحافظ، أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري القرطبي رحمه الله بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يذكر لي من دين أبي عبد الله وورعه أشياء كثيرة.
وقرأ أبو عبد الله القرطبي على الإمام العالم المقرئ، سيد العلماء والقراء والنحاة والأدباء والحفاظ والفضلاء، وليّ الله أبي القاسم بن فيرة