- قال رجلٌ لأبي أمامة: رأيتُ في المنام كأنَّ الملائكة تُصلِّي عليك، كلَّما دخلتَ، وكلما خرجتَ، وكلَّما قمتَ، وكلَّما جلستَ، فقال أبو أمامة: وأنتم لو شئتم، صلَّت عليكمُ الملائكةُ، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ}.
الدرس التاسع والعشرون:
كيف تكون من المحسنين
- قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسنينَ}، وقال: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}.
- عَنْ أَبي يَعْلَى شَدَّاد بنِ أوسٍ، عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنَّ الله كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذَا قَتَلْتُم فَأَحْسِنُوا القِتْلَة، وإذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). رواهُ مُسلم.
- قال ابن رجب: وهذا الأمرُ بالإحسان:
- تارةً يكونُ للوجوب كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البرُّ والصِّلَةُ والإحسانُ إلى الضيف بقدر ما يحصل به قِراه.
- وتارةً يكونُ للندب كصدقةِ التطوعِ ونحوها.
- وهذا الحديثُ يدلُّ على وجوب الإحسانِ في كل شيء من الأعمال، لكن إحسانُ كُلِّ شيء بحسبه.
- فالإحسان في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنةِ: الإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدرُ من الإحسان فيها واجب.
- وأمَّا الإحسانُ فيها بإكمالِ مستحباتها فليس بواجب.
- والإحسان في ترك المحرَّمات: الانتهاءُ عنها، وتركُ ظاهرها وباطنها.
كما قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ}، فهذا القدرُ من الإحسان فيها واجب.
- وأما الإحسان في الصبر على المقدورات، فأنْ يأتي بالصبر عليها على وجهه من غير تَسَخُّطٍ ولا جَزَع.
- والإحسان الواجبُ في معاملة الخلق ومعاشرتهم: القيامُ بما أوجب الله من حقوق ذلك كلِّه.