- إنَّ كرم الخَلْق عند الله بالتَّقوى، فربَّ من يحقِرُه الناس لضعفه، وقلَّةِ حظِّه من الدُّنيا، وهو أعظمُ قدراً عند الله تعالى ممَّن له قدرٌ في الدُّنيا، فإنَّ الناسَ إنّما يتفاوتُون بحسب التَّقوى، كما قال الله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}.
- وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ الله لا ينظرُ إلى صُورِكُم وأموالِكم، ولكن ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم) وحينئذ، فقد يكونُ كثيرٌ ممَّن له صورةٌ حسنةٌ، أو مالٌ، أو جاهٌ، أو رياسةٌ في الدنيا، قلبه خراباً من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءاً مِنَ التَّقوى، فيكون أكرمَ عند الله تعالى.
- حقيقة التقوى:
- قال تعالى:(ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه).
- قال الحسن: ما عُبِّدَ العابدون بشيءٍ أفضلَ من ترك ما نهاهم الله عنه.
- قال ميمون بن مِهران: ذكرُ اللهِ باللسان حسن، وأفضلُ منه أنْ يذكر الله العبدُ عندَ المعصية فيمسِكَ عنها.
- قال عمر بن عبد العزيز: ليست التقوى قيامَ الليل، وصِيام النهار، والتخليطَ فيما بَيْنَ ذلك، ولكن التقوى أداءُ ما افترض الله، وترك ما حرَّم الله، فإنْ كان مع ذلك عملٌ، فهو خير إلى خير، أو كما قال.
- قال ابن رجب: وحاصل كلامهم يدلُّ على أنَّ اجتناب المحرمات - وإنْ قلَّتْ - فهي أفضلُ من الإكثار من نوافل الطاعات فإنَّ ذلك فرضٌ، وهذا نفلٌ.
الدرس الواحد والثلاثون:
واتبع السيئة الحسنة تمحها
- قال الله - عز وجل -: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}.
- قال - صلى الله عليه وسلم -: (وأتْبِع السَّيِّئة الحَسنَة تَمحُها) فأمره أنْ يفعل ما يمحو به هذه السيئة وهو أنْ يتبعها بالحسنة.