هذا: كل ما نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. . .» [رواه مسلم] .
ولا شك أن هذا أعظم الظلم وأشنعه، كيف لا، وقد صار عاقبة ذلك خسران الدنيا والآخرة.
وفي هذه الأزمنة المتأخرة التي حدثت فيها الغير، وتزينت الدنيا لخطابها، كشف أهل الأهواء عن أقنعتهم، وانتشرت بدعهم، وأحييت مذاهب أسلافهم بعد أن كانت بائدة، ونبشت كتب لهم كانت منسية، وظهرت أفكار جديدة، وبرزت جماعات معاصرة متباينة في مقاصدها، مختلفة في توجهاتها، متناقضة في غاياتها ووسائلها، كلما خرجت جماعة أو فرقة لعنت أختها، وتطاول أناس على قامة التوحيد والسنة، ولوثرا أفكار الناس، وأفسدوا عليهم عقائدهم، وهونوا عليهم أمر الشرك، ورفعوا أعلام الفتن، ونازعوا ذوي السلطان في سلطانهم، وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى، واتبعوا غير سبيل المؤمنين.
مما يوجب على الغيورين من علماء الأمة ودعاة السنة المقتفين للأثر؛ القيام بواجب الإبانة عن أصول الديانة، وتبيين معالم منهج السلف، وإيضاح سبيله، وتقريب كتب أئمة الهدى، وإبرازها