للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام البخاري - رحمه الله -: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: رأيت السد من البرد المحبر. قال: " قد رأيته» (١) .

ويمكن أن يكون هذا السد هو السور المحيط بمدينة ترمذ (٢) الذي ذكره ياقوت الحموي (٣) في معجم البلدان، وليس هو سد ذي القرنين.

وأيضا: فإن البحث في تحديد مكان السد لا يهم كثيرا؛ ولا يحصل بعدم معرفته خلل في الاعتقاد؛ لأن المقصود بيان أن ما أخبرنا الله تعالى به، وما جاء في الأحاديث الصحيحة من أن سد يأجوج ومأجوج موجود إلى أن يأتي الوقت المحدد لدك هذا السد وخروج يأجوج ومأجوج، وذلك عند دنو الساعة بهما في قوله عز وجل: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا - وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: ٩٨ - ٩٩] (٤) كل ذلك: حقيقة يجب التصديق به.

والذي يدل على أن السد موجود ولم يندك، حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في السد قال: «يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا، قال: فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله تعالى واستثنى، قال: فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس، فيستقون المياه ويفر الناس منهم» (٥) .


(١) أخرجه البخاري معلقا في صحيحه في باب قصة يأجوج ومأجوج ٦ / ٣٨١.
(٢) (ترمذ) : قال ياقوت: مدينة مشهورة من أمهات المدن راكبة على نهر جيحون من جانبه الشرقي. . . يحيط بها سور وأسواقها مفروشة بالآجر، وممن ينسب إليها الإمام محمد بن عيسى بن سَوَرة الترمذي صاحب الجامع الصحيح والعلل. معجم البلدان (٢ / ٢٦، ٢٧) .
(٣) هو أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي، أصله من الروم، الإخباري النحوي، المؤرخ، من مؤلفاته معجم البلدان، توفي سنة ٦٢٦ هـ.
وفيات الأعيان (٦ / ١٢٧) ، سير أعلام النبلاء (٢٢ / ٣١٢) .
(٤) سورة الكهف، الآيتان: ٩٨، ٩٩.
(٥) تقدم تخريجه ص ١٣٣.

<<  <   >  >>