٤ - مما يميز الفقه الإسلامي ارتباطه بالأخلاق: يختلف الفقه عن القانون الوضعي في تأثره بقواعد الأخلاق، فليس للقانون الوضعي إلا غاية نفعية وهي العمل على حفظ النظام واستقرار المجتمع، وإن أهدرت بعض مبادئ الدين والأخلاق.
أما الفقه فيحرص على رعاية الفضيلة والمثل العليا والأخلاق القويمة، فتشريع العبادات من أجل تطهير النفس وإبعادها عن المنكرات، وتحريم الربا بقصد نشر روح التعاون والتعاطف بين الناس، وحماية المحتاجين من جشع أصحاب المال، والمنع من التغرير والغش في العقود وأكل المال بالباطل، وإفساد العقود بسبب الجهالة ونحوها من عيوب الرضا، من أجل إشاعة المحبة وتوفير الثقة، ومنع المنازعة بين الناس، والسمو عن أدران المادة، واحترام حقوق الآخرين.
وإذا تآزر الدين والخُلق مع التعامل: تحقق صلاح الفرد والمجتمع وسعادتهما معا، وتهيأ سبيل الخلود في جنة النعيم في الآخرة؛ وبذلك تكون غاية الفقه هي خير الإنسان حقا في الحال والمآل، وإسعاده في الدنيا والآخرة. لهذا: كان الفقه صالحا للبقاء والتطبيق الدائم: ففقه القواعد الأصلية لا يتغير كالتراضي في العقود، وضمان الضرر، وقمع الإجرام وحماية الحقوق، والمسؤولية الشخصية، أما الفقه المبني على القياس ومراعاة المصالح والأعراف، فيقبل التغير والتطور بحسب الحاجات الزمنية، وخير البشرية، والبيئات المختلفة زمانا ومكانا، مادام الحكم في نطاق مقاصد الشريعة وأصولها الصحيحة، وذلك في دائرة المعاملات لا في العقائد والعبادات، وهذا هو المراد بقاعدة "تتغير