للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك كثيرا ما نقرأ في سيرته مثل هذه العبارة: فلما رأى أو سمع ما قيل صعد المنبر وأثنى على الله عز وجل ثم قال. . . إلخ. " وكان يقصر خطبته أحيانا ويطيلها أحيانا بحسب حاجة الناس، وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة، وكان يخطب النساء على حدة في الأعياد ويحرضهن على الصدقة " (١) .

ونهج صحابته رضوان الله عليهم منهجه، وعلى الأخص الخلفاء الراشدون. فقد كان المنبر هو الوسيلة الإعلامية الأولى والعليا التي لا تنافس.

فمتى لزم الأمر إبلاغ الناس هرعوا إلى المنبر، فألقوا خطبهم وبياناتهم وقراراتهم، ثم تبلغ الآفاق في وقت قياسي لا نظير له.

ومن الأمثلة على ذلك - مما له صلة بموضوع البحث - قال أبو العجفاء السلمي: خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: «ألا لا تغالوا بصدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية» (٢) .

وهذا إرشاد من عمر رضي الله عنه إلى الأفضل، وهو عدم المغالاة في المهور، ولا يدل على تحريم الزيادة على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا حد لأقله ولا لأكثره (٣) .

وغني عن البيان أن مثل تلك الخطب تكون ذات طابع إيماني وجداني وعظي تربوي، وربما تخللها تنظيم إداري.


(١) زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم ١ / ١٩١ تحقيق شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرنؤوط.
(٢) رواه أبو داود في السنن، ك: النكاح - باب - الصداق ج / ٢١٠٦، والإمام أحمد في المسند ١ / ٤٠، والترمذي في سننه، ك: النكاح - الباب ٢٣، وقال: حسن صحيح.
(٣) انظر في هذا: الإسراف. دراسة فقهية مقارنة للدكتور عبد الله بن محمد الطريقي ص ١٨٣ فما بعدها. الطبعة الأولى ١٤١٣ هـ.

<<  <   >  >>