للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشارع الحكيم رأى أن من يصاب بخلل في عقله كجنون أو عته تكون أمواله معرضة للضياع؛ لأنه لا يحسن التصرف، فقرر الشارع الحكيم الحجر عليه حتى تكون الأموال مصونة من الأيدي التي تسلب أموال الناس بالباطل والغش والتدليس، وتكون مصونة أيضا من سوء تصرف المالك.

ولما رأى الشارع الحكيم أيضا أن الذين يسترسلون في غلواء الفسق والفجور والخلاعة ويبددون أموالهم ذات اليمين وذات الشمال في حكم المجانين والمعتوهين، قرر الحجر عليهم صونا لأموالهم، وحرصا على أرزاق أولادهم ومن يعولونهم في حياتهم وبعد مماتهم. . . . " (١) .

(٢) وسرف الجماعات يصدر من جهات جماعية، ويأخذ الطابع الجماعي، وهو يصدق على تصرف المؤسسات، والشركات، والجمعيات، والدول، وكذلك الأفراد إذا انتظمهم عقد واحد أو عرف أو تقليد واحد.

وقد يحكم على أي منها بالسرف أو الترف أو التبذير، بالنظر إلى التصرف الغالب عليها.

وهذا النوع من السرف يحمل من الخطورة والسلبيات أضعاف سابقه؛ لما يترتب عليه من الآثار الوخيمة على اقتصاد البلد وثروتها. وكم نسمع أو نقرأ عن خسائر تلك الجهات وإعلان إفلاسها.

بل إن إلقاء نظرة سريعة على واقع دول العالم الإسلامي ترزأ العاقل بالذهول والخجل.

فإن كثيرا منها - وعلى رغم ضخامة ثروتها الوطنية - قد اضطرت إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي، وقد تراكمت عليها الديون فأثقلت


(١) حكمة التشريع وفلسفته / للجرجاوي ٢ / ٢٥٧ - ٢٥٨ دار الفكر.

<<  <   >  >>