لأفراد المجتمع تلقينا وحفظا واستشهادا وشعرا وإعرابا واستشفاف ما في الكلام العربي من محاسن بديعية وبيانية، وأبعدوا حواشي الكلام ومتنافره وما فيه من تعقيدات لفظية ومعنوية. واستخلصوا لشباب الأمة ألفاظها الجزلة وأمثلتها السائرة، وأساليبها الرائعة، ومعانيها المستطابة المشوقة التي تطبي الأفئدة وتستميل القلوب إلى هذه اللغة العريقة.
وما من علم تحتاجه الأمة المسلمة إلا وللمسجد فضل في تطويره ونشره ورفع مستواه وحث الناس على الاقتباس منه، والاصطياد من خرائده ولآلئه ودراريه, سواء كان علميا أو نظريا علوم دنيا أو آخرة.
فالمسجد ركن ركين للعلم ومعين قوي لا ينضب، ومرتاد لكل رائد للعلم أريب، ومنهل ينهل منه أفراد المجتمع ما يروي نهمهم، ويشبع رغباتهم، ويعطيهم قوة علمية وشحنة إيمانية تدفع عنهم الشكوك والأوهام، وتحميهم من سموم الأعداء ونفثاتهم المحمومة المسعورة التي يحاولون بها الدس والتضليل، وذر الرماد في العيون السليمة لتنعكس مرئياتها ومفاهيمها، وتعشو أبصارها فتتبلبل أفكارها، يحاولون بذلك إرضاء نزعاتهم الشريرة،