للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعمر في الصلاة والوعظ والذكر، بيوت أراد الله أن ترفع وأن تكون خاصة لذكره جل شأنه، يسبح فيها في الغدوات والأصائل رجال متفرغون للطاعة، ومنصرفون للعبادة فلا مظاهر الدنيا البراقة تفتنهم وتلهيهم، ولا تقليب التجارة والانشغال بأرباحها الباهرة يصدهم عن ذكر الله وينسيهم الآخرة، بل يذكرون الله ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ولا ينسون نصيبهم من الدنيا، ويخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، يوم تتردد فيه النفوس بين الخوف والرجاء فتنقلب القلوب متجهة إلى اليمين والشمال لا تدري من أين تؤخذ؟ أو من أين تؤتى كتبها؟ أمن اليمين أم من الشمال. فهم يسبحون الله ويذكرونه ويؤدون فرائضه، وينتهون عن مناهيه ويخافون يوم الحساب ليجزيهم أحسن ما عملوا الجزاء الأوفى، ويزيدهم من فضله، والله يرزق من يشاء بغير حساب وهو واسع الفضل (١) .

والمساجد دور عبادة وذكر، وتضرع وخضوع لله جل وعز شأنه، ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدي الله ورغبة فيما عنده من الأجر الكبير. {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] (٢) ومقام تهجد وترتيل لكتاب الله وحفظ له وغوص وراء معانيه، وتمعن لمفرداته واستنباط لأحكامه، واستخراج لمخزوناته ومكنوناته من بلاغة وبيان وإعراب وقصص وغيرها.


(١) التفسير الواضح ٢ / ٧٤ - ٧٥.
(٢) سورة الجن: آية ١٨.

<<  <   >  >>