إذ لا حجة إلا في كلام لله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك كلام أهل العلم من الصحابة على القول الراجح بشرط أن لا يكون في الكتاب والسنة ما يخالفه وأن لا يعارضه قول صحابي آخر، فإن كان في الكتاب والسنة ما يخالفه وجب الأخذ بما في الكتاب والسنة، وإن عارضه قول صحابي آخر طلب الترجيح بين القولين وأخذ بالراجح منها لقوله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء: ٥٩] النساء آية ٩٥.
وهذه رسالة موجزة فيما تدعو الحاجة إليه من بيان هذه الدماء وأحكامها وتشتمل على الفصول الآتية:
الفصل الأول: في معنى الحيض وحكمته.
الفصل الثاني: في زمن الحيض ومدته.
الفصل الثالث: في الطوارئ على الحيض.
الفصل الخامس: في الاستحاضة وأحكامها.
الفصل السادس: في النفاس وأحكامه.
الفصل السابع: في استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه وما يمنع الحمل أو يسقطه.
[الفصل الأول في معنى الحيض وحكمته]
الفصل الأول
في معنى الحيض وحكمته الحيض لغة: سَيَلان الشيء وجريانه.
وفي الشرع: دم يحدث للأنثى بمقتضى الطبيعة بدون سبب في أوقات معلومة. فهو دم طبيعي ليس له من مرض أو جرح أو سقوط أو ولادة. وبما أنه دم طبيعي فإنه يختلف بحسب حال الأنثى وبيئتها وجوّها. ولذلك تختلف فيه النساء اختلافًا متباينًا ظاهرًا.
والحكمة فيه: أنه لما كان الجنين في بطن أمه لا يمكن أن يتغذى بما كان خارج البطن ولا يمكن لأرحم الخلق به أن يوصل إليه شيئًا من الغذاء حينئذ جعل الله تعالى في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه بدون الحاجة إلى أكل وهضم تنفذ إلى جسمه من طريق السرة حيث يتخلل الدم عروقه فيتغذى