للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحقيقة أن بحوث الاتصال تؤكد أهمية مخاطبة عقل الإنسان في إطار السياق الذي يتم فيه الاتصال (١) .

على اعتبار أن الجمهور المتلقي عنصر رئيسي وفعال في عملية الاتصال؛ لأن الرسائل التي يستقبلها ليست سوى خبرات محملة بالمعلومات، تصب في الصورة العقلية وتؤثر فيها، فإذا لم يفهم الإنسان ويدرك بعقله تلك الرسائل فإنه لا يحدث التغيير المقصود في الصورة الذهنية، وأما إذا لاحظ العقل الرسالة وبلغته واستوعبها، فإنه يحدث التغيير ويتراوح بين إضافة معلومات جديدة تعزز الصورة الذهنية ومعلومة جديدة تحدث مراجعات فيها أو تغيرها، وبقدر ما تكون المعلومات حقيقية وصادقة بقدر ما يكون التغير إلى الأفضل.

٩ - مخاطبة الجمهور والمتلقي بلغة مفهومة واضحة الدلالة قوية الحجة فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب جماعة المسلمين بلغتهم، فالمضمون الاتصالي لا يخرج عن خبرات ومعارف جماعة المسلمين الأولى في المدينة المنورة يوم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إليها، ولا تخفى أهمية العناية باللغة والإطار الدلالي؛ لأن التشويش الدلالي يعد عائقا من معوقات الاتصال (٢) .

وهذا النوع من التشويش يحدث نتيجة عدم فهم المتلقي للرسالة حتى ولو نقلت بدقة فائقة. والمتتبع لروايات الخطبة الثلاث يجد سهولة اللغة ووضوح دلالتها , وما ذلك إلا لتيسير التفاهم والتواصل والقرب النفسي بين جماعة المسلمين؛ لتحقيق الإقناع بمضامين خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلوها في المدينة المنورة.


(١) انظر تفصيلا مفيدا في هذا الجانب عند د. حمدي حسن، الاتصال وبحوث التأثير في دراسات الاتصال الجماهيرية (القاهرة: كويك حمادة الجريسي للطباعة، ١٩٩٣م) ، ص: ٤٦.
(٢) انظر تفصيل ذلك عند د. انشراح الشال، دراسات في علم الاجتماع الإعلامي المدخل في علم الاجتماع الإعلامي، (القاهرة، مكتبة نهضة الشرق ١٩٨٥م، ص: ٥١) .

<<  <   >  >>