للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الأصل الرابع الوسيلة المناسبة]

الأصل الرابع: الوسيلة المناسبة الوسائل محايدة في الغالب ولها حكم الغاية؛ ولذا فإنه إذا كانت المقاصد حسنة والغايات سامية فإن ذلك يتطلب اختيار الوسيلة المناسبة والأكثر فاعلية في عملية الإقناع، ولعل ذلك هو سبب اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى وسيلة في عصره ومجتمعه وهو الصعود إلى الصفا عندما قال خطبة الصفا؛ وذلك طلبا لتوسيع دائرة الاتصال لمخاطبة أكثر عدد ممكن من الناس ولفت انتباههم ولإقناعهم بما يدعو إليه، ثم اتخذ صلوات ربي وسلامه عليه المنبر في المسجد لنفس الغاية، وفي حجة الوداع خطب في الناس من على ظهر ناقته القصواء وكان له مناد يردد ما يقوله في الناس؛ ولذلك كانت خطبة حجة الوداع نموذجا للاتصال شبه الجماهيري؛ وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الأجيال من خلال أهل الموقف في عرفات فأشهدهم على اكتمال رسالة الإسلام وبين لهم تعاليمه.

والمتتبع لخطب الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك بجلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخص كل وسيلة بما يناسبها، وكل شكل من أشكال الاتصال بما يناسبه من الأفكار والمعلومات، وقد أثبتت دراسات الاتصال أن التفاوت في المقدرة الإقناعية بين أشكال الاتصال يعود إلى التفاوت في طبائعها وخصائصها المتباينة، فالاتصال الشخصي أكثر تأثيرا من الاتصال الصناعي بالراديو، والراديو أكثر تأثيرا من المواد المطبوعة، والتلفزيون يقف في منطقة وسط بين الاتصال الشخصي والراديو (١) .


(١) ١- Klumpper، The Effects Of Mass Communication (Glenois: The Free Press، ١٩٦٠) p. ١٢٩.

<<  <   >  >>