نماذج من خطب الغزوات: إذا كانت خطبة الجمعة تعد نموذجا اتصاليا فريدا لتوجيه الرأي العام الإسلامي , في إطار كتاب الله وهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفق استراتيجية مستمرة، فإن خطب الغزوات نموذج أيضا لتعبئة الرأي العام في زمن الحرب؛ وذلك لرفع الروح المعنوية وإقناع الرأي العام بمشروعية القتال، والتصدي لحملات التشكيك، وحملات الحرب النفسية المتمثلة في الدعاية المضللة، والشائعات المروعة التي يبثها الأعداء، ولذلك تعد الدول عددا كبيرا، وتسخر الخبرات الإعلامية؛ لهندسة المواقف، والمتتبع لخطب الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات يدرك تميز خطب الجهاد ببعض الخصائص والسمات التي كانت من أهم عوامل الإقناع، الذي ظهرت آثاره باهرة في كثير من المواقف، وسوف نعرض بعض هذه الخطب لإبراز دلالات الاتصال والإقناع في خطب الغزوات.
ومن خطب الغزوات: أولا: خطبة يوم بدر: حيث خطب صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد: فإني أحثكم على ما حثكم الله عز وجل عليه , وأنهاكم عما نهاكم الله عز وجل عنه، فإن الله عز وجل عظيم شأنه، يأمر بالحق ويحب الصدق، ويعطي على الخير أهله، على منازلهم عنده، به يذكرون، وبه يتفاضلون , وإنكم قد أصبحتم بمنزل من منازل الحق، لا يقبل الله فيه من أحد إلا ما ابتغى به وجهه. وإن الصبر في مواطن البأس مما يفرج الله عز وجل به الهم وينجي به من الغم، وتدركون به النجاة في الآخرة، فيكم نبي الله يحذركم ويأمركم، فاستحيوا اليوم أن يطلع الله عز وجل على شيء من أمركم يمقتكم عليه، فإن الله عز وجل يقول:{لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}[غافر: ١٠](١)