للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدلالات والمعاني الإعلامية في خطبة حجة الوداع ١ - حسن الابتداء وبراعة الاستهلال لتهيئة المتلقي لقبول الفكرة: إن من بلاغة القول التألق في المدخل المثير للانتباه، وجعله نابضا بالحركة والحياة، حتى يصل المعنى إلى قلب السامع في أحسن صورة، فيكون أدعى للإقناع بالأفكار في أعذب لفظ، وأجزله، وأرقه، وأسلسه، وأصحه معنى , وأوضحه وأخلاه من التعقيد، وقد تميزت خطب النبي صلى الله عليه وسلم في اتصاله بالناس كلها بحسن الابتداء وخاصة في هذه الخطبة، وقد جاءت في الرواية الثانية بصيغة الاستفتاح بالاستفهام؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم «أتدرون أي يوم هذا؟ وأي شهر هذا؟ وأي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام وشهر حرام ويوم حرام» ، وتؤكد الدراسات الإعلامية أن هذه طريقة مهمة وناجحة في إثارة اهتمام القارئ (١) وهي أيضا من أساليب الخطاب القرآني (٢) وعلى كل حال فإن من المتعارف عليه عند علماء البلاغة والبيان أن هناك أمورا معينة وأحوالا خاصة إذا أجاد فيها القائم بالاتصال براعة الاستهلال أجاد في غرض من أغراض الاتصال، لذا عرف بعض شعراء العرب بجودة المديح، وآخرون بالهجاء، وكانت الأسبقية لبعضهم في وصف الحروب وغيرهم في الحكمة ودقة التعبير عن المعاني العقلية والنفسية، أما تسنم ذروة الفصاحة والبيان في كل صغيرة وكبيرة فهذا


(١) انظر مزيدا من التفاصيل في هذا الجانب عند د. عبد العزيز شرف، فن التحرير الإعلامي (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٧م) ص: ١٧٧.
(٢) انظر د. محمد فريد عزت، دراسات في فن التحرير الصحفي في ضوء معالم القرآن (جدة: دار الشروق، ١٩٨٤م) ، ص: ١٨٨.

<<  <   >  >>