وماله وعرضه: قال صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» ، وكرر ذلك في خاتمة الخطبة زيادة في التأكيد على ضرورة هذا المبدأ، فقال صلى الله عليه وسلم:«تعلمون أن المسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم» .
بهذا البيان في هذه الخطبة الجامعة حقنت الدماء التي لم يكن لها قبل الإسلام حرمة كالتي حظيت بها بعد الإسلام، فكم من قبيلة أبادتها قبيلة، وكم من فصيلة طحنتها فصيلة، وكم من بريء قتل جهرة أو غيلة بجريرة غيره، وربما كان ذلك من أجل شاة رعت حول الحمى , أو مستجير فر من عقوبة يستحقها، أو غير ذلك من الأسباب الحقيقية أو الموهومة , فلما شرف الله البشرية بالرسالة الخاتمة، رسالة الإسلام، حقن الله بها دماء الناس إلا بحق، فحقن الدماء في الإسلام ليس قاصرا على المؤمن، بل يتعداه إلى غيره من أهل الكتاب والمشركين الذين بيننا وبينهم عهد ممن دخل في دار الإسلام أو في ذمة المسلمين بأمن، فيحرم على المسلمين قتله، بل حتى الكافر أو المشرك الذي استجار بالمسلمين قال الله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}[التوبة: ٦](١) وهذا أقصى ما يطلب في المحافظة على حقوق الإنسان.
وهذه الحقوق التي يؤكد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم تشكل الإطار العام للنظام الإسلامي، ويربط بها حق الاتصال والإبلاغ، وحرية الإعلام المرتبط بخصوصية الأمة الإسلامية، وبعد هذا الإعلان بأربعة عشر قرنا أدرك المجتمع الدولي أن هذه الحقوق مجتمعة ضرورة إنسانية أساسية،