للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، بل ازداد ليجعل كل من مسته يد الرفاعي محرما على النار. فقد ذكروا أن الله وعد الرفاعي أن كل من دخل قريته أو مس كفه لا تأكله النار ولا تضره. وحكوا عن الرفاعي أنه أمسك مرة سمكة وأعطاها إلى أحد مريديه ليشويها له فلم تنشو ولم تنضج وبقيت نيئة على حالها فتعجب المريد من ذلك فأخبره الشيخ الرفاعي أن السبب في ذلك أن الله تعالى وعده أن لا تضر النار شيئاً مسته يده. (١)

- الرفاعي يبيع قصرا في الجنة

وهذه قصة منسوبة إلى الشيخ الرفاعي مفادها أن الرفاعي قد باع رجلا قصرا في الجنة محدد المساحة لقاء شراء بستان في الدنيا.

قال محمد أبو الهدى الصيادي: «ونقل أن الشيخ جمال الدين الخطيب كان من أكابر أصحاب السيد أحمد الرفاعي وكان يريد أن يشتري بستانا لضرورة، فامتنع صاحب البستان عن بيعه إياه، فتشفع الشيخ جمال الدين إلى الرفاعي، فأتى رد الشفاعة من صاحب البستان (إسماعيل بن عبد المنعم) الذي قال للرفاعي: يا سيدي إن اشتريته مني بما أريد بعتك إياه.

فقال الشيخ: يا إسماعيل قل لي كم تريد ثمنه حتى أعطيك؟

فقال: يا سيدي تشتريه مني بقصر في الجنة؟

فقال الرفاعي: من أنا حتى تطلب مني هذا يا ولدي؟ اطلب من الدنيا.

فقال: يا سيدي شيئاً من الدنيا ما أريد، فإن أردت البستان فاشريها بما أطلب.

فنكس السيد أحمد الرفاعي رأسه ساعة، واصفر لونه وتغير، ثم رفع وقد تبدلت الصفرة إحمرارا وقال: يا إسماعيل قد اشتريت منك البستان بما طلبت.

فقال: يا سيدي اكتب لي خط يدك. فكتب له السيد أحمد الرفاعي ورقة فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما اشترى إسماعيل بن عبد المنعم من العبد الفقير الحقير أحمد بن أبي الحسن الرفاعي، ضامنا على كرم الله تعالى قصرا في الجنة تجمعه حدود أربعة:

الأولى: إلى جنة عدن. الثانية: إلى جنة المأوى.

الثالثة: إلى جنة الخلد. الرابعة: إلى جنة الفردوس

وذلك بجميع حوره وولدانه وفرشه وستره وأنهاره وأشجاره، عوض بستانه في الدنيا. وله الله شاهد وكفيل. ثم طوى الكتاب وسلمه إليه، وأوصى صاحب البستان المذكور أن يوضع الصك معه في كفنه إذا مات، ففعل أبناؤه ذلك، ولما دفنوه وجدوا صبيحة اليوم التالي وقد كتب على قبره «وقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا» (٢).ويتغنى الصيادي بهذه القصة بأبيات من الشعر (٣) فيقول مخاطبا الرفاعي:

وبستان إسماعيل لما اشتريته ... بقصر وقد أرهنته الخط والختما

وذاك بدار الخلد في ساحة الرضا ... فصدقك المولى ووعدك قد تما

على أن الرفاعي قد ضمن الجنة لآخر مقابل عصفور يشتريه منه. فجاء في كتاب (قلادة الجواهر) أن واحداً من أصحاب الشيخ الرفاعي اصطاد عصفورا وشد برجله خيطا وعلقه، والعصفور يصيح من شدة الألم، فقام الشيخ أحمد الرفاعي والتمس منه خلاص هذا العصفور فأبى وقال للشيخ: "تشتريه مني؟ "

فقال الرفاعي: نعم، بكم هو؟

قال: بأن أكون بصحبتك في دار السلام، وأجوز معك بالسلام على الصراط.

قال الرفاعي: نعم.


(١) ((بوارق الحقائق)) (ص ٢٢٩)، ((إرشاد المسلمين)) (ص (٨٧، ((روض الرياحين)) (ص٦٠).
(٢) ((قلادة الجواهر)) (٧٠ – ٧١)، ((روض الرياحين)) (٤٤٠ – (٤٤١، ((جامع كرامات الأولياء)) (١/ ٢٩٦ – ٢٩٧)، ((الكواكب الدرية)) (ص ٢١٤).
(٣) ديوان ((الفيض المدي)) (١٢٢ – ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>