للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول: الأخطار التي تحيط بأهل السنة والجماعة]

مما لا ريب فيه أن المسلمين عموماً تطبق عليهم خطط وتنفذ فيهم مؤامرات قد أحكم حبكها ولا أظن (أننا) في حاجة إلى ضرب الأمثلة على هذا الواقع فإن كل شيءٍ يشهد بذلك من الاستعمار الفعلي إلى الاستعمار الفكري إلى التفرق الحاصل بين المسلمين في نظرتهم إلى الأخوة فيما بينهم وإلى ولاءاتهم المختلفة بل المتناقضة وإلى الطوق الغليظ الذي وضعوه في أعناقهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون وهنا (نعتذر) عن المتابعة والاستفاضة في دراسة جوانب التأثير الذميم النازل بأحوال المسلمين عموماً فقد كتب المصلحون والناصحون والمفكرون ما يشفي ويكفي لو كان السامعون أحياء القلوب إلا أن أكثرهم أصبحوا كما قال الشاعر:

لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي

وتحقق ما نسب إلى الشافعي رحمه الله في قوله:

نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا

نعم (نعتذر) عن الاسترسال في الكتابة عن هذا المجال فإن حديثه ذو شجون وأحداثه تكاد أن تتكلم عن نفسها فالخطب جسيم والحمل عظيم وإذا لم يفق المسلمون اليوم فإن قوارع الدهر وسنن الله في خلقه ستوقظهم عاجلاً أم آجلاً ولنتحسر مع القائل:

أمرتهمو أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدنترك الكلام عن أحوال المسلمين وفرقهم وأحزابهم المتناحرة وولاءاتهم المتناقضة والإهانات التي تواجههم في كل مكان وفي كل يوم على أيدي أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وسائر ملل الكفر والضلال الذين تداعوا على المسلمين كما تتداعى الأكلة على قصعتها كما أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم (١).

نترك هذا كله لنتجه بالنصيحة إلى البقية والصفوة من المسلمين الذين بقوا قابضين على مفاهيم كتاب ربهم وسنة نبيهم إلى الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم سيبقون ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله مهما كانت قلتهم ومهما كانت حالهم الذين أدركوا أنهم تتهددهم في دينهم وفي دنياهم بل وفي وجودهم أخطار كثيرة تتطلب جمع الكلمة وصدق المؤازرة ونشر النصيحة صافية نقية في جميع الجوانب وهي كثيرة الجوانب جداً وما لا يدرك كله لا يترك كله فعسى أن يكون في التذكير بها فتح باب خير وعودة وثبات إذ من السهولة العودة إلى ما كان عليه المسلمون في ماضيهم من العزة والمنعة حين تكون النيات خالصة والقلوب متوجهة بصدق ومن تلك الأخطار التي بقيت للمسلمين ما أشير إليه هنا بإيجاز سريع:

١ - محاربة المسلمين في تمسكهم بكتاب ربهم تعالى.

٢ - محاربة المسلمين في تمسكهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.

٣ - محاولة دق إسفين بين الكتاب والسنة وذلك بدعواهم أنه يجب الأخذ فقط بالقرآن الكريم دون السنة النبوية.

٤ - بتشكيكهم في صلاحية تعاليم ديننا الإسلامي في هذا العصر بزعمهم.

٥ - بث الدعايات ضد أهل السنة وتشويه ما هم عليه من المعتقدات الصحيحة.

٦ - محاربتهم عن طريق تمجيد العقل وتقديسه وجعله مصدر التشريع.

٧ - محاربتهم عن طريق التأويلات الفاسدة للنصوص لإبعادهم عن مدلولاتها.


(١) رواه أبو داود (٤٢٩٧)، وأحمد (٥/ ٢٧٨) (٢٢٤٥٠). من حديث ثوبان رضي الله عنه. بلفظ: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء - ما يحمله السيل من وسخ - كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)). والحديث سكت عنه أبو داود, وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

<<  <  ج: ص:  >  >>