[المبحث الحادي عشر: خطابات نصر الله]
لمن تصقل سيفك يا نصر الله؟
في مهرجان عقده حزب الله بمناسبة أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن المقاومة تملك أكثر من عشرين ألف صاروخ وأن حزبه أقوى حاليا منه في السابق مشددا على أن لبنان صار عبر جمهور المقاومة "قوة عظمى في الشرق الأوسط".
وقال خلال الاحتفال بمناسبة "النصر الإلهي" في ضاحية بيروت الجنوبية إن المقاومة "وهي خارجة من حرب ضروس استعادت كامل قوتها وراكمت عزماً جديداً"، مشددا على أنها "أقوى مما كانت عليه عشية ١٢ يوليو وأنها قدمت نموذجاً للتحرير والصمود الأسطوري".
تعليق:
مرة أخرى يأبى "حسن نصر الله" إلا أن يدفعنا للحديث عنه.
مرة أخرى يطل علينا "حسن نصر الله" ليستعيد عقوداً من الخطب الرنانة والتصريحات الطنانة التي ما فتئت الأمة المسلمة ليلاً ونهاراً، غير أنه إذا ما تلفتت لم تر طحيناً.
مرة أخرى يراهن "حسن نصر الله" على ذاكرة الشعوب الضعيفة، وعلى عواطف المسلمين المستعرة ليمحوا اعترافاته التي لم يمر عليها شهر.
"نصر الله":
أول ما يطالعنا في مهرجان "نصر الله" حديثه عن "النصر الإلهي" الذي تحقق في حربه الأخيرة مع "إسرائيل" ويبدو أن "نصر الله" لم يكفيه الحديث نيابة عن أهل الأرض، فأراد أن يتحدث نيابة عن "أهل السماء"، ترى هل رأى "نصر الله" الملائكة وهي تقاتل بجانبه عندما كان مختبئاً في قصر "إميل لحود" كما قال البعض أو في السفارة الإيرانية كما قال آخرون.
"الصمود الأسطوري":
بعد أن تحدث "نصر الله" نيابة عن "أهل السماء"، عاد وارتدى زي زعماء ما فتئوا يحدثون الأمة عن انتصاراتهم الأسطورية وبطولاتهم الخارقة، والتي ما أن تمر الأيام حتى ينقشع الغبار وترى أن مطية الأمة لم تكن سوى حمار هزيل جبان.
عاد "نصر الله" ليتحدث عن "نموذج التحرير"، ولكن أي تحرير يا نصر الله؟، هل حررت الجنوب اللبناني من الوجود "الإسرائيلي"، أم أنك حررت الجنوب اللبناني بوجود أجنبي جديد؟.
أي تحرير ذلك يا نصر الله ودبابات فرنسا وألمانيا واليونفيل تخطو على أرض لبنان، ولا تكلف نفسك سوى أن تطالبها بعدم التدخل في الشأن اللبناني، أي شأن لبناني لا تتدخل فيه، وقد أدخلتها وأقامتها في لبنان؟.
أي تحرير ذلك يا نصر الله، وقد تحدثت التقارير عن نقلك لمقار قيادة حزب الله من الجنوب اللبناني إلى منطقة البقاع، فأي تحرير ذلك يا نصر الله.
لقد سئمنا يا نصر الله تلك البطولات الأسطورية، وهي أسطورية بحق فلا يقبلها عقل، لا يقبل عقل أن يمر "البطل" بين أشلاء شعبه وبقايا وطنه ويصر مع ذلك على رفع علامة النصر.
لمن تصقل سيفك يا نصر الله:
يجد "حسن نصر الله" الفرصة سانحة للحديث مجدداً عن سلاح حزبه، ذلك السلاح الذي ما عاد يستخدم في ميدان المعارك، ولكن يستخدم في ميدان الخطب فقط.
لقد قال نصر الله إن حزبه يملك عشرين ألف صاروخ، ولنا أن نعيد السؤال الذي سألناه من قبل لماذا لم يستخدم حزب الله هذه الصواريخ؟، وأي نصر حققه حزب الله إذا كان عاجزاً عن استخدام أسلحته وصواريخه؟.
لنا أن نتساءل لمن هذه الصواريخ يا نصر الله وقد قلت في خطابك الماضي أنك لن تخوض حرباً أخرى مع "إسرائيل"، معتبراً أن من يفكر في ذلك فهو يخدم "إسرائيل".
لمن هذه الصواريخ يا نصر الله؟.
"لمن تصقل سيفك يا عباس؟
لوقت الشدة
إذا، اصقل سيفك يا عباس".
إن حديث "نصر الله" عن صواريخ حزبه، يعيد لنا التذكير مرة أخرى بالفارق بين مقاومة السنة ومقاومة الشيعة، فالمقاومة الفلسطينية على ضعفها لم تتوان عن ضرب "إسرائيل" بالصواريخ ليل نهار رغم ما عرض عليها لإيقاف هذه الصواريخ، والمقاومة الشيعية في لبنان لم تتوان عن تكويم تلك الصواريخ ولم تستخدمها إلا في ميدان السياسة، فشتان بين من يقاتل من أجل التحرير وبين من يقاتل من أجل صفقات السياسة وألاعيبها.
الحرب الأهلية:
وقال نصر الله في خطابه إن حرباً أهلية جديدة لن تشهدها لبنان، وقد صدق نصر الله وذلك لأن الحروب الأهلية لا تندلع إلا بين جهتين متساويتين في القوة ومختلفتين في المصلحة، وقد اجتمع المشروعان الشيعي والأمريكي على إجهاض القوى السنية في لبنان حتى صار سنة لبنان ما بين قوى مهيضة الجناح، وما بين قوى مرتبطة بمشروع أمريكي، وصفا الجو أمام الشيعة ليجعلوا من لبنان "قوة عظمى في الشرق الأوسط"، ولكن لصالح المشروع الإيراني.
خلا لك الجو فبيضي واصفري ... ونقري ما شئت أن تنقري
المصدر:حرب لبنان الوعد الصادق أم الوهم الكاذب لوليد نور - ص ١٢٩