للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السادس: مسائل الحج قالوا: لو ملك رجلٌ مالاً يكفي لزاده وراحلته ونفقة عياله (١٢٤/ أ) ذهاباً وإياباً، ولكن إذا ظن أنه بعد الرجوع من الحج، لا يبقى عنده ما يكفيه لنفقة أكثر من شهر، لا يجب عليه الحج، نص عليه أبو القاسم في (الشرائع) وغيره (١)، وقد أوجب الشارع الحج على من استطاع إليه سبيلا، أي بالزاد والراحلة ونفقة العيال ذهاباً وإياباً، وصحة البدن وأمن الطريق لا غير، فانصرام النفقة بعد المجيء لا يوجب نقصاً في معنى الاستطاعة.

وقالوا: لا يجب سترة العورة في الحج، لكن هذا عند بعضهم، وقد قال تعالى: خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: ٣١] والروايات الصريحة عن الأئمة ناصة على خلاف ذلك.

وقالوا: يجوز للحاج أن يطوفوا عراة كالجاهلية، ولكن بشرط تطيين السوأتين، بحيث لا يظهر لون البشرة، مع أن هذا ليس من شعائر الإسلام. ومن العجيب أن الزنا عند طائفة منهم لو وقع بعد الإحرام بالحج لا يفسده (٢)، وهذه ثمرة كشف العورة فيه، وكيف يجوز ذلك والله تعالى يقول: فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: ١٩٧] ولا رفث فوق الزنا في العالم. وقالوا: لو اصطاد أحد في الإحرام مرّة متعمداً تجب عليه الكفارة، وإذا فعل ذلك مرة أخرى لا تجب (٣)، مع أن الجناية إذا تكررت تكون أعظم، ونص الكتاب قاضٍ بالكفارة على العامد مطلقاً، قال تعالى: وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء .. [المائدة: ٩٥] (٤).

المصدر:غرائب فقهية عند الشيعة الإمامية لمحمود شكري الألوسي


(١) أبو القاسم يعرف عند الشيعة الإمامية بـ (المحقق الحلي) وقد ذكر في كتابه المشار إليه شروط الحج فقال: " أن يكون له ما يمول عياله حتى يرجع، فاضلاً عما يحتاج إليه، ولو قصر ماله عن ذلك لم يجب عليه". ((شرائع الإسلام)) (١/ ٣٦١). وهذا مشهور بين فقهاء الفرقة، بل نقل المرتضى الإجماع عليه، ((الناصريات)) (ص ١٠٥)، ابن زهرة ((الغنية)) (ص ٨٦).
(٢) قال ابن زهرة: " ومن وطئ قبل الوقوف بعرفة، وإن وطئ بعد الوقوف بالمشعر الحرام لم يفسد حجه، وكان عليه بدنة ... ". ((الغنية)) (ص ١٥٩). وينظر أيضاً ما قاله الحر العاملي في ((اللمعة الدمشقية)) (٢/ ٣٥٦).
(٣) وقد استنكر (علامتهم) الحلي على من قال بإيجاب الكفارة على من اصطاد أكثر من مرة وهو محرم، فقال:" مسألة: تتكرر الكفارة بتكرر الصيد خطأ إجماعاً، وفي تكررها مع العمد قولان ... ". ((مختلف الشيعة)) (/١٣٢)؛ وينظر أيضا العاملي ((اللمعة الدمشقية)) (٢/ ٣٤٩)؛ الطباطبائي ((العروة الوثقى)) (٢/ ٢٣٦).
(٤) وكذلك في الروايات المنقولة عن الأئمة في كتب القوم، منها ما رواه ابن أبي عمير في (الصحيح) قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام: محرم أصاب صيداً؟ قال: عليه كفارة، قلت: فإن عاد؟ قال: عليه كلما عاد". الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (٥/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>