أ - طائفة من الناس نظرت إلى مساوئ القوم وأغمضت العيون عن محاسنها فقالوا بضلال الصوفية وردوا كلامهم سواءً ما وافق الكتاب والسنة أو خالفهما وهذه الطائفة كما يقول ابن القيم (حجبت عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم فأهدروها لأجل هذه الشطحات وأنكروها غاية الإنكار وأساءوا الظن بهم).
ب - وطائفة أخرى نظرت إلى محاسن القوم وصدق معاملتهم وشفافية نفوسهم وحسن عبادتهم فأقبلت على علوم الصوفية وكتبهم وقصائدهم وقصصهم دون تمحيص مغمضة العيون عن عيوب القوم ومساوئهم، وهؤلاء كما يقول ابن القيم (حجبوا بما رأوه من محاسن القوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائمهم وحسن معاملتهم عن رؤية شطحاتهم).
ج - وطائفة ثالثة وهم كما يسميهم ابن القيم أهل العدل والإنصاف الذين يقبلون من القوم ما يجدونه حسناً موافقاً للكتاب والسنة ويردون ما خالف الكتاب والسنة ويردون على شطحات القوم، وهذا الموقف هو الذي يجب أن يقفه كل مسلم فلا تحملنا حسنات القوم على قبول خطئهم وتحسينه. كما يجب أن لا تحملنا سيئات القوم على رد حق ذهبوا إليه أو قالوا به، بل الحكم العدل الذي بيننا هو الكتاب والسنة فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ وَالرَّسُولِ [النساء:٥٩]، وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:٨].
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل العدل والإنصاف المتمسكين بكتاب ربهم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
المصدر:مفهوم التصوف وأنواعه في الميزان الشرعي لمحمود يوسف الشوبكي (مجلة الجامعة الإسلامية- المجلد العاشر) - ص٣٣، ٣٤