بالرجوع إلى كتب الجعفرية نجد جدلاً حول التحريف بين معتدليهم نسبيا وغلاتهم، ونتعرض لهذا الأمر بإيجاز قدر المستطاع قبل الحديث عن كتبهم بشيء من التفصيل:
فمن المقطوع به عند جمهور المسلمين أنه لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ [يونس:٦٤] وأن الله تعالى هو الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩]، ولذا هيأ له، وسيهيئ له من يحفظه إلى يوم القيامة. وقد كتب على عهد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وجمع ما كتب عند الصديق ثم الفاروق، ثم كان المصحف الإمام الذي كتب في خلافة ذي النورين كما هو معلوم، فحفظ في السطور والصدور على مر القرون، وكلما أصاب المسلمون تقدماً وجهوه قدر استطاعتهم لحفظ كتاب الله تعالى، هذا ما نلمسه جميعا بغير خلاف.
والذين حاولوا هدم الإسلام وجهوا مردة شياطينهم للطعن في القرآن المجيد، لكن هيهات، فباءوا بمرارة الفشل، وبغضب ممن علم القرآن. ولا عجب في مسلك هؤلاء الكفار، ولكن العجب كل العجب أن نجد ممن ينتمي إلى الإسلام من يضل ضلال هؤلاء الكفار! فغلاة الاثني عشرية عز عليهم أن يخلو القرآن الكريم من نصوص ظاهرة صريحة تؤيد عقيدتهم في الإمامة، فلم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة كما سنرى، بل أقدموا على جريمة مدبرة، فطعنوا في الصحابة الأكرمين، وعلى الأخص الخلفاء الراشدون الذين سبقوا الإمام علياً، وأرادوا من هذا الطعن الافتراء عليهم بأنهم غير أمناء على تنفيذ الشريعة ونقلها، وحفظ كتاب الله العزيز، ولذا انتهوا من هذا الطعن إلى أنهم اغتصبوا الخلافة، وحرفوا القرآن الكريم حتى لا يفتضح أمرهم، ولا يظهر حق علي في الخلافة والأئمة من بعده!!
المصدر:مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص٤٦٥