للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: المناسك المكانية

هناك أماكن لابد لزائر هود أن يمر بها، وأن يفعل عندها الطقوس التي شرعها لهم منظموا الزيارة، غير أن هذه الأماكن تختلف، فمنها ما هو كالركن الذي لا يسقط بحال، ومنها ما هو كالواجب الذي يسقط بالعذر، ومنها ما هو مستحب لا حرج في تركه!!.

أول مناسك هذه الزيارة: زيارة أضرحة ومشاهد القرى، فكل أهل قرية يبدءون بزيارة مشاهد وأضرحة قريتهم.

زيارة مشاهد الشيخ فخر الوجود: أبي بكر بن سالم وأبنائه بمدينة عينات، وهذا المنسك عام لكل الزوار الذين يمرون من تلك الطريق.

٣ - المحذفة: وهي عبارة عن صخرة كبيرة منحدرة من الجبل، ومستقرة على جانب الوادي تمر بها طريق الزوار، فإذا حاذوها كرروا هذه العبارة على طريقة الرجز (وصلنا المحذفة يا عويلة حذفوها)، فالحذف هو الرمي أو الرجم، والمحذفة تأنيث المحذف أي المرجم، فيقفون عندها، ويرجمونها بالحجارة التي تشبه بيض الدجاج أو أكبر قليلاً، وقد شاهدت الصخرة وعلى ظهرها وفي جوانبها أكوام الحجارة التي رجمت بها، وهذا تشبيه بجمار منى التي يرميها الحجاج!!.

قبر الكافرة: ولئن كان العرب قبل الإسلام يرجمون قبر أبي رغال الذي دل أبرهة وجيشه على طريق مكة، وربما تقربوا إلى الله برجم قبره واعتبروه من مناسكهم، كذلك زوار هود لديهم – كما يزعمون – قبر يرجمونه ويسمونه قبر الكافرة، وتقول الخرافة التي لا يتعرض عليها علماء القوم لنقدها وإبطالها: إن هذا القبر اعترض سبيل الزوار ليوهمهم ويضللهم عن قبر نبي الله هود، وهو لامرأة كافرة فاستحق المقت والغضب، وصار الزوار على تعاقب الأزمان يقفون عنده ويشتمونه ويتفلون عليه، وربما رجموه، وقد وقفت عليه عند زيارتي لشعب هود، فرأيت حبالاً طويلة من الحجارة معترضة في جانب الوادي، ربما كانت حاجزاً مائياً قديماً أو حدود مزرعة مندثرة، المهم أن الخرافة نسجت حبالها حوله وأدرج في مناسك زيارة هود عليه السلام!! وذلك تشبه بأهل الجاهلية

النهر المقدس: وهذا نهر ممتد على مساحة طويلة يمر بأودية وأرض زراعية فسيحة وتحفه النخيل والأشجار من جانبيه، يأتي قبل موضع القبر بعد أميال ويتجاوزه كذلك بعدة أميال، غير أنه لا يقدس منه إلا الجزء الذي بحذاء القبر المزعوم!

أما ما قبل ذلك الموضع وما بعده فلا قدسية له، وقد سبق أن نقلنا زعمهم أنه من أنهار الجنة!

والطقوس التي تؤدى في هذا النهر هي الاغتسال والشرب ولكن بطريقة خاصة! يقول الصبان تحت عنوان " الغسل في النهر ": (تتوافد كل مجموعة زوار من بلد إلى النهر، وإلى الناحية التي يقف فيها المنصب، وكل بلد يتقدم زوارها منصب وحبيب أو شيخ ويبدءون في نزع ثيابهم للغسل إلا ما يستر العورة، ويغتسلون في النهر وهو يرمز إلى تطهيرهم من الخطايا والدنس)، ثم يقول تحت عنوان " السقيا ": (تتزاحم الزوار على المنصب أو الحبيب أو الشيخ وهو يسقيهم بيده من النهر تبركاً به، وهو يرمز إلى الشرب من الكوثر يوم القيامة). (١) حصاة عمر: هذه الحصاة من المناسك المتفق عليها، وقد جعل حولها مصلى بني وسوي بالأسمنت المسلح، وذلك تأسياً وتبركاً بمن كان يتعبد عند هذه الحصاة (عمر المحضار)، (عندما ينتهي الغسل والسقي يتأهب الجميع لأداء مراسيم الزيارة، وقبل أن التحرك يركع كل زائر ركعتين أمام حصاة تعرف بحصاة عمر – أي عمر المحضار- نقيب العلويين المتوفى سنة ٨٩٣ هـ (١٤٨٧م)، ويركع الجميع ركعتي سنة الوضوء ويتوجهون إلى بئر التسلوم). (٢)


(١) ((الصبان)) (ص٣٨)
(٢) ((الصبان)) (ص٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>