[المبحث الثالث: أنواع الكرامات المنسوبة إلى أبي الحسن الشاذلي]
تروي كتب الصوفية كثيرًا من كراماته وأقواله البعيدة عن التصديق، التي تنطوي على مخالفة صريحة لعقيدة الإسلام وللكتاب والسنة، اللذين هما أساس دعوته كما يقول عن نفسه، ومن هذه الكرامات والأقوال: ـ ينقل الدكتور عبد الحليم محمود نقلاً عن (درَّة الأسرار): "لما قدم المدينة زادها الله تشريفًا وتعظيمًا، وقف على باب الحرم من أول النهار إلى نصفه، عريان الرأس، حافي القدمين، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل عن ذلك فقال: حتى يؤذن لي، فإن الله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ [الأحزاب: ٥٣] فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام: يا علي، ادخل". وهذا مخالف للعقيدة. ويقول عن نفسه: "لولا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما يكون في غد وبعد غد إلى يوم القيامة" وهذا ادعاءٌ لعلم الغيب وشرك بالله تعالى.
المصدر:الموسوعة الميسرة
وينقل الشيخ الأكبر للأزهر سابقاً عبدالحليم محمود عن صاحب (الدرة البهية):
"هو القطب الأكبر، والعلم الأشهر، والطود الأظهر العالي السنام.
هو البدر الطالع الواضح البرهان، الغنيّ عن التعريف والبيان، المشتهر في الدنيا قدره، والذي لا يختلف في غوثيته اثنان.
وطريه ترياق شاف لأدواء العباد، وذكره رحمة نازلة في كل ناد.
سرى سرّه في الآفاق، وسارت بمناقبه الركبان والرفاق.
قضى عمره في العبادة، وقصده للانتفاع أهل السعادة.
وكان رضي الله عنه في العلم في الغاية، وفي الزهد في النهاية، جمع الله له الشرفين: الطيني والديني، وأحرز الفضل المحقق اليقيني"
ويذكره الشاذلي بنفسه هو ومكانته السامية ودرجته الرفيعة، ومعرفته وعلمه بما يختلج في صدور الناس، وفيضه وفيضانه بقوله:
"كنت في سياحتي في مبدأ أمري حصل لي تردد: هل ألزم البراري والقفار للتفرغ للطاعة والأذكار أو أرجع إلى المدائن والديار لصحبة العلماء والأخيار؟ فوصف لي وليٌّ هنالك، وكان برأس جبل فصعدت إليه، فما وصلت إليه إلا ليلاً، فقلت في نفسي لا أدخل عليه في هذا الوقت، فسمعته يقول من داخل المغارة: اللهم إن قوماً سألوك أن تسخر لهم خلقك، فسخرت لهم خلقك، فرضوا منك بذلك، اللهم وإني أسألك اعوجاج الخلق علي حتى لا يكون ملجئي إلا إليك. قال: فالتفت إلى نفسي وقلت: يا نفس انظري من أي بحر يغترف هذا الشيخ. فلما أصبحت دخلت إليه فأعربت من هيبته.
فقلت له:
يا سيدي كيف حالك؟
فقال: أشكوا إلى الله من برد الرضا والتسليم كما تشكو أنت من حر التدبير والاختيار.
فقلت: يا سيدي أما شكواي من حر التدبير والاختيار فقد ذقته وأنا الآن فيه، وأما شكواك من برد الرضا والتسليم فلماذا؟
فقال: أخاف أن تشغلني حلاوتها عن الله.
قلت: يا سيدي سمعتك البارحة تقول: اللهم إن قوماً سألوك أن تسخر لهم خلقك، فسخرت لهم خلقك، فرضوا منك بذلك، اللهم وإني أسألك اعوجاج الخلق علي حتى لا يكون ملجئي إلا إليك، فتبسم ثم قال:
يا بني، ما تقول: سخر لي خلقك قل: يا رب كن لي، أترى إذا كان لك أيفوتك شيء؟ فما هذه الجناية"
وحتى ابنه الصغير يعلم ما في قلوب الناس كما يذكر الشاذلي أيضاً:
"كنت يوماً بين يدي الأستاذ فقلت في نفسي: ليت شعري هل يعلم الشيخ اسم الله الأعظم؟ فقال ولد الشيخ وهو في آخر المكان الذي أنا فيه: يا أبا الحسن ليس الشأن من يعلم الاسم الأعظم، إنما الشأن من يكون هو عين الاسم، فقال الشيخ من صدر المكان: أصاب وتفرس فيك ولدي"