المطلب الأول: مراتب الدعاةّ
كان دعاة الإسماعيلية يعتمدون في نشر عقائدهم وأفكارهم على تنظيم مدهش للدعوة يضم دعاة مهرة على مراتب متفاوتة، ولم تكن عقائدهم تُلقّن للمستجيب دفعة واحدة، إنما كان يتلقاها على درجات، كل واحدة مترتبة على السابقة.
كانت مراتب الدعوة قبل الحسن بن الصباح سبع درجات ثم زيدت إلى عشر، وكان يُطلق عليها "مراتب الحدود المؤثرة في الأنفس" ثلاث منها كلية، وسبع منها تابعة.
فالثلاث الكلية هي:
الناطق: وله رتبة التنزيل، ومهمته إفاضة البركة بتأسيس قوانين العبادة العملية الظاهرة بالتنزيل والشريعة.
الأساس: وله رتبة التأويل، ويقول بقبول البركة بكليتها والقيام بها بجميع التنزيل وتأسيس قوانين العبادة العلمية الباطنية بالتأويل.
الإمام: وله رتبة الأمر وسياسة الأمة كافة على سنن الدين، وليس من مهامه أن يقوم بالدعوة بنفسه، بل يتولى توجيه سائر الدعاة ويرشدهم إلى نشر الدعوة وتلاوة مجالس الحكمة.
أما السبع مراتب التابعة فهي:
الباب: وله رتبة إظهار تأويل الكتاب وارتضاء الآراء والمعتقدات والحكم فيما كان حقاً أو باطلاً،
الحجة: يكون ذو مهارات ومواهب حربية وسياسية.
والحجج قسمان: حجج النهار، وهم الذين يدعون في زمن الظهور وفي مناطق النفوذ الشيعي، وحجج الليل وهم الذين يدعون في زمن الستر.
راعي البلاغ: وله رتبة الاحتجاج وتعريف البلاغ.
الداعي المطلق: وله رتبة تعريف الحدود العلوية، وتعليم مراسم العبادة الباطنية.
الداعي المحدود: وله رتبة تعريف الحدود السلفية، وتعليم مراسم العبادة الظاهرة.
المأذون المطلق: وله رتبة أخذ العهد والميثاق.
المأذون المحدود: ويُدعى المكاسر، وله رتبة جذب الأنفس المستجيبة، والهداية إلى الحق.
هذه هي مراتب الدعوة في الحركة الإسماعيلية التقليدية، لكن بعد أن تم للحسن بن الصباح تأسيس الدولة الإسماعيلية النزارية في ألموت أجرى بعض التغييرات في العقائد والنظام الاجتماعي والسياسي تتناسب مع تطور الأحوال الاجتماعية والسياسية، فجعل نظام الدعوة متطوراً أيضاً فقسمه إلى قسمين:
القسم الأول: وخصصه للدعاية الدينية ويشتمل على:
شيخ الجبل: وهو نائب الإمام ورئيس الدعوة الجديدة، وكان الحسن بن الصباح يُلقب نفسه ويلقبه أتباعه بهذا اللقب.
كبار الدعاة: وهم ثلاثة فقط، وجميعهم نواب لشيخ الجبل في مناطق ثلاث متفرقة، يضطلعون بالمهام العظمى والأمور الصعبة الخاصة بالحركة ومصالحها.
الدعاة: عددهم غير محدود، ينشطون تحت إشراف كبار الدعاة ويدعون الناس إلى العقيدة الإسماعيلية النزارية وفق مخطط الحسن بن الصباح.
أما القسم الثاني فيشتمل على:
الرفيق: وهو الذي يكون قد سلك بعض المدارج في أصول المذهب، وأشبه بقائد الفرقة العسكرية اليوم، وكان يشرف على تدريب فدائيي الحركة وتوجيههم.
اللاصق: وهو الذي يكون قد أخذ البيعة للإمام ولم يتدرج في أصول المذهب وليس له الحق في نشر الدعوة.
الفدائي: وهو الأداة المنفذة والموكلة بالثأر والانتقام والعنف والاغتيال، ويتم اختيار الفدائي على أساس إخلاصه للحركة ومبادئها، واستعداده المطلق للتضحية في سبيل ذلك.
المستجيب: وهو المؤمن حديثاً بأفكار ومعتقدات الحركة، أي الذي يكون في طور التدريب والتعليم.
ثم يأتي العوام وهؤلاء لا يتلقون شيئاً من التعاليم وإنما يُستعملون كآلات صماء فقط، يُخدعون عبر مراحل متعاقبة من الحط بعقلياتهم وفي آخر تلك المراحل يُكشف لهم عن الكفر الكامل والمريع.
ويُشّبِّه (فون هامر) مراتب الدعاة والرفاق والفدائيين في الحركة بثلاث مراتب في البناء الحر (الماسونية) هي كبار البنائين، ورفاق النهضة، والصبية المبتدئون.
المصدر:أسرار فرقة الحشاشين لمحمد هادي نزار- ص ٦٠