كان للضعف الذي ألمَّ بالخلفاء العباسيين بعد موت الواثق سنة ٢٣٢هـ، وسيطرة الأعاجم عليهم وضياع نفوذ الخلافة، الأثر الكبير في كثرة الانفصالات عن الدولة العباسية، واستقلال بعض الأسر المشهورة؛ كالصفاريين والسامانيين والعلويين واليعفريين والطولونيين. ولم يبقَ للعباسين في كثير من الأقاليم سوى الدعاء لهم يوم الجمعة والعيدين ونزر يسير من الهدايا. كما أثار الزنج ـ وهم طائفة من عبيد إفريقية ـ القلق والرعب في حاضرة الخلافة العباسية، وكان مسرح ثورتهم الجامحة العنيفة التي دامت أكثر من أربع عشرة سنة المستنقعاتُ الممتدة بين البصرة وواسط. وقد كلفت هذه الثورة الدولة العباسية كثيراً من الجهود والأموال والأرواح. وظهر القرامطة في سواد العراق والبحرين؛ حيث أعانهم على ذلك تشاغل الخليفة العباسي بفتنة الزنج، وظهر ابن حوشب في اليمن حيث نشر دعوة المهدي، وظهر أبو عبد الله الشيعي الذي نشر الدعوة الفاطمية في المغرب.
المصدر:القرامطة في الخليج العربي مقال لمحمد أمحزون