للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: (البرهان في تفسير القرآن) وممن عاصر صاحب الصافي السيد هاشم البحراني " توفي سنة (١١٠٧) أو سنة (١١٠٩) " وله كتاب: (البرهان في تفسير القرآن) جمع فيه كثيراً من الروايات الجعفرية في تفسير القرآن الكريم (١).

والكتاب لا يختلف كثيراً عن تفسير الصافي، فهو يسير في طريق الضلال نفسه، يحرف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى، ويطعن في حفظة الكتاب الكريم، وحملة الشريعة من الصحابة الكرام الأطهار، ويذكر من الروايات المفتراة ما يؤيد ضلاله.

ونستطيع أن ندرك منهج هذا التفسير الضال المضل، وأثر الإمامة فيه، من الأبواب التي نراها في الجزء الأول قبيل البدء في تفسير السور الكريمة، ومن الأخبار التي أثبتها البحراني في هذا الكتاب، فلنضرب بعض الأمثلة. ذكر البحراني " باب في أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلاَّ الأئمة، وعندهم تأويله ". وتحت هذا الباب نجد ستة وعشرين خبراً (٢).وفي " باب فيما نزل عليه القرآن من الأقسام " (٣) يذكر عن أمير المؤمنين أنه قال: نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام. وعن أبي عبدالله: إن القرآن نزل على أربعة أرباع. ويذكر " باب في أن القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة " (٤) و" باب فيما عنى به الأئمة في القرآن"، وفيه، لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين كما سمى من قبلنا (٥).

ويقول البحراني: وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:١١٠] .. وأما ما هو محرف منه قوله: " لَّكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ في علي" كذا نزلت (٦).وأما ما تأويله بعد تنزيله: فالأمور التي حدثت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وبعده، في غصب آل محمد صلى الله عليه وسلم حقهم، وما وعدهم الله تعالى من النصرة على أعدائهم، وما أخبر الله سبحانه به نبيه من أخبار القائم وخروجه، وأخبار الرجعة (٧). وأما ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لقوم آخرين فقوله: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ [الإسراء:٤] أنتم يا معشر أمة محمد (٨). وأما الرد على من أنكر الرجعة فقوله: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا [النمل:٨٣] (٩)

ومن هذا يتضح منهج هذا البحراني، ونزيد لك بياناً بشيء مما جاء في تفسيره للآيات الكريمة.

مما جاء في تفسيره للفاتحة: غير المغضوب عليهم النصاب، والضالين [الفاتحة:٧] الشكاك الذين لا يعرفون الإمام "

ويروي عن أبي جعفر أنه قال: "إن الله عز وجل خلق جبلاً محيطاً بالدنيا، من زبرجدة خضراء، وإنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل، وخلق خلفه خلقاً لم يفترض عليهم شيئاً مما افترض على خلقه من صلاة وزكاة، وكلهم يلعن رجلين من هذه الأمة سماهما ". ويروي عنه أيضاً أنه قال: " من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس، ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاماً، فيها خلق كثير، ما يعلمون أن الله تعالى خلق آدم أو لم يخلقه. وإن من وراء قمركم هذا أربعون قرصاً، وبين القرص إلى القرص أربعون عاماً، فيها خلق كثير لا يعلمون أن الله - عز وجل- خلق آدم أو لم يخلقه، قد ألهموا كما ألهمت النحلة لعنة الأول والثاني في كل الأوقات، وقد وكل بهم ملائكة متى لم يلعنوا عذبوا " (١٠).وفي أول سورة البقرة يذكر ما رأيناه من قبل في تفسير الصافي فيقول " كتاب علي لا ريب فيه " (١١).وهكذا نرى من هذه الأمثلة القليلة (١٢) أن هذا التفسير كسابقه يسير في طريق الضلال، ويعتبر امتداداً للحركة التي مني بها القرن الثالث، ويمثل جانب الغلو والتطرف.

المصدر:مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص٥٥٤


(١) راجع اتجاه التأليف في تلك الفترة (ص ٨٢ - ٨٣) من كتاب ((المعالم الجديدة للأصول)).
(٢) انظر (ص ١٥ - ١٧).
(٣) انظر (ص ٢١).
(٤) انظر (ص٢٢).
(٥) انظر (ص ٢٢، ٢٣).
(٦) (ص ٣٤)، والآية الكريمة التي حرفها هذا المفتري الضال نصها هو " لَّكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ * النساء:١٦٦*.
(٧) (ص ٣٥).
(٨) (ص ٣٦)، والآية الكريمة المذكورة هي الرابعة من سورة الإسراء.
(٩) (ص ٣٧)، والآية الكريمة في سورة النمل ٨٣ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * النمل:٨٣*.
(١٠) انظر (ص ٤٧)، ولاحظ بها أخباراً أخرى متشابهة. ويقصد هذا الضال بالأول والثاني خير الناس بعد الرسول، الخليفتين الراشدين أبا بكر وعمر.
(١١) انظر (ص ٥٣).
(١٢) راجع أيضاً الخبر، الذي نقلناه من تفسير الميزان نقلاً عن هذا التفسير (ص ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>