بحث العلماء في حقيقة الإيمان واختلفوا في ذلك أشد الاختلاف، فمنذ أن خرج الخوارج والنزاع قائم فيه بين عامة الطوائف كما قال ابن تيمية (١).
واختلافهم في حقيقته، وفي الفرق بينه وبين الإسلام، هل هما سواء أو هما مختلفان أو بينهما عموم وخصوص؟ وهل الإيمان يزيد وينقص أم أنه لا يتغير؟ وهل الأعمال من الإيمان وداخلة في حقيقته أم إنها من مكملاته؟
وقد بحث الخوارج في موضوع الإيمان على هذا النحو كما بحثه غيرهم.
وقد رتب الخوارج على بحثهم فيه نتائج خطيرة ولا سيما في حكمهم على مرتكبي الذنوب وما إذا كان قد بقي من إيمانهم أو زال عنهم.
والواقع أنهم - شأن غيرهم من الفرق- قد اختلفوا فيما بينهم في مبحث الإيمان كاختلافهم في غيره من المباحث، واختلفوا كذلك فيما بينهم فيما رتبوه على آرائهم في الإيمان من أحكام وإن كنا سنرى أن كل هذه الاختلافات في الرأي لم تكن لفرق رئيسية فيهم، وإنما كان بعضهم لأفراد ولطوائف شذت عن معظمهم في الرأي، وهذا هو ما سنبينه في عرضنا التالي لآرائهم في حقيقة الإيمان ومنزلة العمل منه.
المصدر:الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص٣١٣