[المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية]
يمكننا بعد دراسة وتحليل العقائد التي مرت بنا والتي آمنت بها النصيرية أن نقول أن هذه الطائفة لا علاقة لها بالإسلام والمسلمين.
فهي تقول بالحلول بمعنى أن الله قد حل في علي بن أبي طالب وفي أشخاص آخرين.
وتقول أيضا أن للشريعة ظاهرا وباطنا وأن المراد باطنها دون ظاهرها, وترتب على هذا الاعتقاد تركهم جميع الفرائض الإسلامية وتأويلها وظهوره أيضا على سلوكهم وأعمالهم فهم يظهرون خلاف ما يبطنون ويقولون ما لا يعتقدون.
وهم بالإضافة إلى ذلك قد اعتقدوا بالتناسخ وكفروا بالبعث والحساب فهدموا بذلك ركنا هاما من أركان الإيمان وأباحوا المحرمات بشرب الخمر والزنا.
وهذا كله, بل واحد منه مخالف للإسلام وخروج عنه بل هو كفر به واستهانة بما فرض.
وكل من له بصيرة يعلم أن الإسلام ما جاء إلا لمحو هذه الاعتقادات الضالة الكافرة. فالتوحيد وترك عبادة الأوثان والأشخاص هو أول اعتقاد في هذا الدين أما اليوم الآخر فهو الركن المهم لعقيدة التوحيد, لأن الإيمان بالله يتبعه الإيمان باليوم الآخر, وقول النصيرية بالتناسخ هدم لهذا الركن الهام من أركان الإيمان.
أما قولهم بأن للشريعة ظاهرا وباطنا وتأويل الفرائض الإسلامية على هذا الأساس, فهو هدف الباطنية والغلاة عموما ابتداء من الإسماعيلية ومروراً بالدروز وانتهاء بالنصيرية, لمسخ الشريعة وهدم الدين وصدق الله العظيم في فضح أمثال هؤلاء فيقول عز من قائل هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّار [آل عمران: ٧ - ١٠].
بهذا يتبين أن لا علاقة للإسلام بالنصيرية, فالإسلام شيء والنصيرية شيء آخر, وعلى هذا الأساس عاملهم جميع أمراء المسلمين ابتداء من صلاح الدين وانتهاء بالسلطان العثماني عبد الحميد, فقد حاولوا الكثير معهم في الرجوع إلى أصول الإسلام, ولكنهم لا يلبثون أن يرجعوا في كل مرة إلى ضلالاتهم وكفرهم.
ومع ذلك يحاول الكثير منهم في الوقت الحاضر أن يبرهن أمام الرأي العام أنهم مسلمون موحدون فظهرت كتب وبيانات تقول بذلك, ولكن كل ذلك لا يجدي شيئا أمام الحقائق والأعمال التي يقومون بها والتي تدحض كل هذه الادعاءات الباطنية المزيفة.
ولعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, كان من أوائل الذين عرفوا حقيقة هذه الطائفة, فحاربها قولا وعملا, كما حارب بقية الطوائف الباطنية فنجده في رده على سؤال حول حكم هذه الطائفة يفند كل ضلالاتهم, ويرد عليهم بجرأة العالم الواعي لحقائق الأمور, والواقع أن فتوى ابن تيمية فيهم تعتبر جزءاً هاما من الحقائق التاريخية الدامغة للنصيرية, علاوة على قيمتها في إظهار عقائدها الباطنية.
المصدر:الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب - ص ٤١٧
فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في النصيرية
سئل - رحمه الله تعالى -: