للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: تفسير الصافي]

ذكرنا من قبل أن الشيعة بعد هذا في تناولهم لكتاب الله تعالى منهم من سلك منهجا فيه شيء من الاعتدال، أو سلك مسلك الغلو، ومنهم من جمع بين المسلكين أو اقترب من أحدهما.

ومن الكتب التي اطلعت عليها: تفسير الصافي، لمحمد بن مرتضى المدعو بمحسن. انتهى مؤلفه من كتابته سنة (١٠٧٥) هـ. وقد حاول أن يأتي بكل ضلالة جاءت في الكتب الثلاثة التي رزئ بها القرن الثالث الهجري، والتي تحدثنا عنها، وهي تفاسير الحسن العسكري والعياشي والقمي، وزاد كذلك في النقل عن بعض الكتب الأخرى كروايات التحريف والتأويلات الفاسدة التي رواها الكليني في كتابه (الكافي). فهذا الكتاب إذن يمثل جانب الغلو والتطرف، ويعد استمراراً لحركة التضليل والتشكيك، ولذلك نقرأ فيه القول بتحريف القرآن الكريم، ومهاجمة الصحابة الأكرمين، والتأويلات التي تجعل من كتاب الله تعالى كتاباً من كتب فرق الغلاة، وغير ذلك مما ذكرناه عند تناولنا للكتب الثلاثة. فهو يرى أن تفسير القرآن الكريم لا يصح إلاَّ عن طريق أئمة الجعفرية " فكل ما لايخرج من بيتهم فلا تعويل عليه " (١) والرسول صلى الله عليه وسلم فسره لرجل واحد هو الإمام علي (٢) ويهاجم من يأخذ التفسير المروي عن الصحابة لأن " أكثرهم كانوا يبطنون النفاق، ويجترئون على الله، ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق " (٣).وهو يرى أن جل القرآن إنما نزل في أئمة الجعفرية، وفي أوليائهم، وأعدائهم (٤) ويذكر روايات كثيرة في تحريف القرآن الكريم (٥)، بل يزعم أن في القرآن الكريم من التنافر والتناكر ما يدل على التحريف. مثال هذا ما نصه: " وأما ظهورك على تناكر قوله: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء [النساء:٣]، وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، ولا كل النساء أيتاماً، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن " (٦).وصاحب الصافي يعقب على روايات التحريف بقوله: " المستفاد من مجموع هذه الأخبار، وغيرها من الروايات عن طريق أهل البيت، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة، منها اسم علي في كثير من المواضع، ومنها لفظْة آل محمد غير مرة. ومنها أسماء المنافقين في مواضعها، ومنها غير ذلك. وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله " (٧).ولا يكتفي بذكر هذه الروايات، والتعقيب عليها، ولكن يذكر آراء الطبرسي والصدوق والطوسي في عدم التحريف، ويرد عليهم بما يبين مدى غلو هذا الضال المضل (٨).


(١) ((تفسير الصافي)) (١/ ٢).
(٢) انظر ((تفسير الصافي)) (٤/ ١١)، وانظر (١/ ٦، ٧، ٨) " نبذ مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت ".
(٣) ((تفسير الصافي)) (١/ ٢).
(٤) انظر ج ١ الورقة الثامنة وما بعدها.
(٥) انظر (١ / - ١٨)، والتفسير كله مملوء بذكر آيات كثيرة محرفة.
(٦) (١/ ١٧، ١٨).
(٧) (١/ ١٨).
(٨) انظر (١/ ١٩، ٢٠)، ومن رده يظهر اعتقاده بأن عندهم قرآناً غير القرآن الكريم الذي بأيدي المسلمين، وأن ما بين الدفتين هو المحرف، وأما قرآنهم فليس بمحرف!! والعجيب أن هذا المتظاهر بالإسلام وحب آل البيت بدلاً من أن يستباح دمه وتحرق كتبه نراه احتل مكاناً عالياً عند كثير من الشيعة الاثني عشرية!. وتفسيره مطبوع ومنتشر في الوسط الشيعي!

<<  <  ج: ص:  >  >>