[الفصل الحادي عشر: محاورات علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج]
وقعت بين الإمام علي وبين الخوارج -قبل نشوب المعركة- عدة محاورات، وحينما طلب منهم علي رضي الله عنه بيان أسباب خروجهم عنه أجابوه بعدة أشياء منها:
لماذا لم يبح لهم في معركة الجمل أخذ النساء والذرية كما أباح لهم أخذ المال؟
لماذا محى لفظة أمير المؤمنين وأطاع معاوية في ذلك عندما كتب كتاب (الهدنة في صفين)، وأصر معه على عدم كتابة (علي أمير المؤمنين)؟
قوله للحكمين: إن كنت أهلاً للخلافة فأثبتاني. بأن هذا شك في أحقيته للخلافة.
لماذا رضي بالتحكيم في حق كان له.
هذه أهم الأمور التي نقموا عليه من أجلها كما يزعمون، وقد أجابهم عن كل تلك الشبه ودحضها جميعاً حيث أجابهم عن الشبهة الأولى والتي تدل على جهلهم بما يلي:
أباح لهم المال بدل المال الذي أخذه طلحة والزبير من بيت مال البصرة، ثم هو مال قليل.
النساء والذرية لم يشتركوا في القتال وهم أيضاً مسلمون بحكم دار الإسلام ولم تكن منهم ردة تبيح استرقاقهم.
قال لهم: لو أبحت لكم استرقاق النساء والذرية فأيكم يأخذ عائشة سهمه فخجل القوم من هذا ورجع معه كثير منهم كما قيل.
وأجابهم على الشبهة الثانية:
١ - بأنه فعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وذكر -إن صحت الرواية- أنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لي منهم يوماً مثل ذلك.
والله أعلم بصحة هذه الرواية التي يتناقلها المؤرخون، ذلك أن معاوية رضي الله عنه ما كان يطالب بالخلافة حتى يحق له أن يطلب محو كلمة (أمير المؤمنين). ومعاوية كذلك كان يعرف أسبقية علي وفضله، وإنما النزاع حول أمر آخر غير الخلافة، اللهم إلا أن يكون هذا الفعل من صنيع المفاوضين دون علم معاوية بذلك.
وأجابهم عن الشبهة الثالثة على افتراض صحة الرواية عنه: بأنه أراد النصفة لمعاوية ولو قال: احكما لي؛ لم يكن تحكيماً، ثم استدل بقصة وفد نصارى نجران ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم إلى المباهلة لإنصافهم.
وأجابهم عن الشبهة الرابعة: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكّم سعد بن معاذ في بني قريظة في حق كان له.
ثم نشبت المعركة مع من بقي منهم على عناده وهزم الخوارج شر هزيمة، وتذكر بعض كتب الفرق أنه لم يَنْجُ من الخوارج إلا تسعة، ولم يُقتل من جيش عليّ إلا تسعة (٣١٦)، وصار هؤلاء التسعة من الخوارج هم نواة الخوارج في البلدان التي ذهبوا إليها، وفي هذا نظر (٣١٧)، وقتل زعيم الخوارج في هذه المعركة وهو عبد الله بن وهب الراسبي سنة ٣٧ هـ أو ٣٨هـ.
المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ١/ ٢٣٥
أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنهما إلى الخوارج بحروراء ليناظرهم في حجتهم في خروجهم لإرجاعهم إلى الطاعة، وقد تناول المؤرخون وأهل الفرق ذكر كيفية تلك المناظرة بروايات مختلفة كما سنرى.