للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: نشأة الزيدية بعد قتل الحسين بن علي (١) ظهرت معظم الفرق التي تزعم التشيع، بل وأخذت دعوى التشيع تتصاعد في الغلو. وفي أيام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين طمع الشيعة في استجلابه إليهم غير أنه كان على ولاء تام ووفاء كامل لحكام بني أمية متجنباً لمن نازعهم (٢)، بل إن يزيد بن معاوية وهو خليفة كان يكرمه ويجلسه معه، ولا يأكل إلا معه (٣).

وقد أنجب أولاداً، منهم:

زيد بن علي بن الحسين.

محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر والد جعفر الصادق. عمر بن علي بن الحسين (٤).

وقد اختلف الشيعة في أمر زيد بن علي، ومحمد بن علي أيهما أولى بالإمامة بعد أبيهما؟ فذهبت طائفة إلى أنها لزيد فسموا زيدية، وهؤلاء يرتبون الأئمة ابتداءً بعلي رضي الله عنه، ثم ابنه الحسن، ثم الحسين، ثم هي شورى بعد ذلك بين أولادهما - كما ترى الجارودية منهم (٥) - ثم ابنه علي بن الحسين زين العابدين، ثم ابنه زيد وهو صاحب هذا المذهب، ثم ابنه يحيى بن زيد، ثم ابنه عيسى بن زيد - كما ترى الحصنية منهم فيما يذكره القمي (٦) -، وبعد ذلك يشترطون في الإمام أن يخرج بسيفه سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين. وذهبت طائفة أخرى إلى أن الإمامة لمحمد بن علي بن الحسين المكنى بأبي جعفر الباقر (٧). ونحن هنا بصدد دراسة الزيدية كيف قامت؟ وما هي مواقف الناس منهم؟ وقد وصف أبو زهرة الزيدية بأنهم (أقرب فرق الشيعة إلى الجماعة الإسلامية، وأكثر اعتدالا، وتشيعهم نحو الأئمة لم يتسم بالغلو؛ بل اعتبروهم أفضل الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، واعتدلوا في مواقفهم تجاه الصحابة، فلم يكفروهم وخصوصاً من بايعهم علي رضي الله عنه واعترف بإمامتهم) (٨).هكذا قال عنهم، والذي يظهر لي أن هذا الحكم غير صحيح على جميع الزيدية- فإن بعض طوائفهم رافضة، وهم الذين خرجوا عن مبادئ زيد وآرائه، سواء كانوا متقدمين أو متأخرين فقد قسم أبو زهرة الزيدية من حيث الاعتقاد إلى قسمين (٩):

المتقدمون منهم؛ المتبعون لأقوال زيد، وهؤلاء لا يعدون من الرافضة، ويعترفون بإمامة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.


(١) لمعرفة موقف يزيد من قتل الحسين انظر ((البداية والنهاية)) (٨/ ١٩١ - ١٩٤)
(٢) انظر: ((الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة)) (ص١٥٤)، ((الشيعة والتشيع)) (ص٢٠٤)
(٣) ((الإمام زيد)) (ص٢٣)
(٤) وتسمية علي بن الحسين ابنه باسم عمر إفحام لكذب الشيعة فيما يدعون من كراهية علي لأبي بكر وعمر؛ حيث إنهم يجنبون أولادهم التسمية باسم خيار الصحابة مثل أبي بكر وعمر وعائشة، بل ومثله سمى علي رضي الله عنه أولاده بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
(٥) ((المقالات والفرق)) (ص١٨)
(٦) انظر: ((المقالات والفرق)) (ص٧٤)
(٧) انظر: ((الشيعة والتشيع)) (ص٢٠٤)
(٨) ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) (١/ ٤٧)، وانظر: ((تاريخ الفرق الإسلامية)) للغرابي (ص٢٩٦)، و ((أهم الفرق الإسلامية)) للنيفر (ص٨٠)
(٩) ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) (١/ ٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>