لو كان هؤلاء الصوفية عندما يؤلفون أذكارهم الركيكة التي شاهدنا نماذج منها آنفاً لا يتقولون بذلك على الله وعلى رسوله، ولا يزعمون أنهم كتبوها من الرسول حرفاً حرفاً وكلمة كلمة لهان الخطب وقلنا إن الأمر لا يتعدى البدعة فقد اخترعوا من عند أنفسهم أدعية وأذكاراً يتعبدون الله بها وتركوا ما هو أفضل من ذلك مما علمناه إياه رسول الله وثبت عنه بنقل الصحابة الصادقين والتابعين لهم بإحسان وما دونه أئمة الهدى من المسلمين في كتبهم كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن والمسانيد. ولكن هؤلاء المتصوفة المتقولين على الله لم ينسبوا هذه الأذكار والأدعية إلى أنفسهم وإنما نسبوها إلى الله وإلى الرسول وزعموا أنه جاء بها إليهم الوحي والإلهام أو أملاها الرسول عليهم حال يقظتهم لا حال نومهم. وليتهم إذا فعلوا ذلك أيضاً جعلوا لأذكارهم هذه من الفضل ما كان يذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته للأذكار من الفضل فقالوا مثلاً من قال هذا الذكر كان كمن أعتق عشرة رقاب أو كان كمن أهدى بدنه أو لم يأت يوم القيامة رجل بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل مثله أو زاد، أو بنى الله له بيتاً في الجنة على نحو ما كان يتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم مبيناً فضائل الأذكار التي يعلمها لأصحابه، ولكن هؤلاء جعلوا لأذكارهم المفتراة المكذوبة من الفضل والأجر شيئا لا يبلغه الحد والوصف، وبالغ كل منهم في بيان فضل الذكر الذي يزعم أن رسول الله اختصه وجماعته به مبالغة عظيمة فهذا مثلاً أحمد التيجاني رأس الطريقة التجانية يزعم أن (ذكره) الذي يسميه صلاة الفاتح: القراءة الواحدة له تعدل قراءة القرآن ستة آلاف مرة!!
قال مؤلف جواهر المعاني على حرازم في الجزء الأول صفحة (٩٤)"وأما فضل صلاة الفاتح لما أغلق الخ، فقد سمعت شيخنا يقول: كنت مشتغلاً بذكر صلاة الفاتح لما أغلق حين رجعت من الحج إلى تلمسان لما رأيت من فضلها وهو أن المرة الواحدة بستمائة ألف صلاة كما هو في وردة الجيوب وقد ذكر صاحب الوردة أن صاحبها سيدي محمد البكري الصديقي نزيل مصر وكان قطباً، قال إن من ذكرها ولم يدخل الجنة فليقبض صاحبها عند الله، وبقيت أذكرها إلى أن رحلت من تلمسان إلى أبي سمعون فلما رأيت الصلاة التي فيها المرة بسبعين ألف ختمة من دلائل الخيرات تركت الفاتح لما أغلق واشتغلت بها وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك وسلم على سيدنا محمد وعلى آله سلاماً يعدل سلامهم) لما رأيت فيها من كثر الفضل ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفاتح لما أغلق فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها فأخبرني أولاً بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات، ثم أخبرني ثانياً أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيحة وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة لأنه من الأذكار" انتهي بلفظه (جواهر المعاني ص٩٤) ..
فانظر إلى هؤلاء الكاذبين كيف يدعي أحدهم أن كلاماً ركيكاً كصلاة الفاتح التي هي مجرد سطر ونصف سطر أو نحو خمس عشرة كلمة فقط يعدل أجر قراءتها أجر قراءة القرآن ستة آلاف مرة!! وهذا كذب سخيف لا يحتاج إلى تعليق وبيان وهذه الصلاة ذات الفضل المزعوم هي:"اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لم سبق ناصر الحق بالحق والداعي إلى صراطك المستقيم"!!