للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب السادس: الصفرية هذه الفرقة الخارجية تنسب إلى زياد بن الأصفر عند الأشعري (١)، والبغدادي (٢)، والشهرستاني (٣)، وصاحب (كتاب الأديان) (٤)، وغيرهم.

وقد ترجم لهم الشهرستاني باسم الصفرية الزيادية، وقد نسبهم الأشعري في قول ضعيف فيما يظهر إلى عبيدة وهو شخص لم يوضحه قال إنه "كان ممن خالف نجدة ورجع من اليمامة". فحينما كتب نجدة إلى أهل البصرة وجاء الكتاب وقرئ عليهم وكان هناك ابن إباض وعبيدة هذا، فاختلفوا بسبب ما جاء فيه نحو مخالفيهم؛ إذ كان يرى ابن إباض أن مخالفيهم كفار نعمة، وكان عبيدة يرى أن مخالفيهم مشركون، السيرة فيهم السيرة من أهل حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين حاربوه من المشركين. أما الملطي فقد خلط رحمه الله في نسبة هذه الفرقة وفي اسم زعيمها بما خالف به كل من كتب عن الصفرية، فهو يقول عنهم: "الصفرية وهم أصحاب المهلب بن أبي صفرة، خرجوا على الحجاج مع يزيد بن المهلب فقاتلوا الحجاج ولم يؤذوا الناس ولا كفروا الملة ولا قالوا بشيء من أقوال الخوارج الذين تقدم ذكرهم، حتى هزمهم الحجاج وأبادهم ودخل يزيد في طاعته بعد ذلك" (٥).فنسبة هذه الفرقة إلى المهلب بن أبي صفرة غير صحيح إذ كان المهلب من أعدى أعداء الخوارج وهو الذي فتك بهم فتكا ذريعا في عدة معارك رهيبة، وقد عاد الملطي بعد عدة صفحات من قوله هذا فقال: "ومنهم صنف يقال لهم الصفرية سموا بعبيد بن الأصفر" (٦). ولعل هذا هو الذي أشار إليه الأشعري.

وقد قدمنا أنه كان لهذه الفرقة دولة في المغرب ظهرت بسبب وصول عكرمة مولى ابن عباس فكان يدعو إلى ذلك المذهب، فتأثر البربر كثيرا به إذ كان هو منهم أيضا ويفهم طبيعتهم وما ينسجم معهم ليكون أدعى لقبولهم. وقد أنشأ حلقة تدريس في مسجد القيروان وتركه بنو أمية يعمل ظاهرا في الحياة العامة، مما يدل على أن دعوته كانت سرية وإلا لما تركوه يواصل تدريسه، ثم أخذت الدعوة تنتشر بكثرة الدعاة حتى شملت كثيرا من البربر (٧).وقد نسب ابن حزم إليهم (٨) فرقة الفضيلية وهي الفضلية عند الأشعري (٩)، ومن أقوالهم أن من تلفظ بقول وهو يريد به خلافه في قرارة نفسه فإنه لا يكفر ولو كان هذا الكلام الذي أضمر المقصود منه يؤدي إلى الكفر في حقيقته.

وقد بين الملطي اسم صاحب هذه الفرقة بأنه يسمى فضلا أو فضيلا كما قال بعضهم.


(١) ([٨٢٤١]) ((المقالات)) (١/ ١٨٢).
(٢) ([٨٢٤٢]) ((الفرق بين الفرق)) (ص ٩٠).
(٣) ([٨٢٤٣]) ((الملل والنحل)) (١/ ١٣٧).
(٤) ([٨٢٤٤]) قطعة من ((كتاب في الأديان والفرق)) (ص ١٠٤ (.
(٥) ([٨٢٤٥]) ((التنبيه والرد)) (ص ٥٦).
(٦) ([٨٢٤٦]) ((التنبيه والرد)) (ص ١٦٧).
(٧) ([٨٢٤٧]) ((الخلافة والخوارج في المغرب)) (ص ٢٨)، وانظر: ((إبانة المناهج)) (ص ١١٥)، و ((رسالة الدبس)) (ص ٢٧).
(٨) ([٨٢٤٨]) ((الفصل)) (٤/ ١٩٠).
(٩) ([٨٢٤٩]) ((المقالات)) (١/ ١٩٧). .

<<  <  ج: ص:  >  >>