للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: غلوهم في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم]

لقد غلا المتصوفة غلوا مفرطا في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حتى رفعوه فوق منزلته التي أنزله الله فيها واعتقدوا فيه عقائد فاسدة باطلة لا أساس لها من الصحة ونحن هنا لا نريد أن نناقش كل معتقدات الصوفية المنحرفة تجاه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإنما سنضرب نماذج فقط نثبت بها بأن من أهم العوامل التي أدت إلى انحراف المتصوفة عن الخط المستقيم هو غلوهم الزائد تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لأن انحرافات المتصوفة تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم قد عقدنا لها فصلا خاصا في الباب الثالث من هذه الرسالة وسنناقش كل انحرافاتهم تجاهه هناك مناقشة تفصيلية حتى نثبت بأن المتصوفة أتوا بهذه العقائد من عند أنفسهم مع براءة الإسلام منها كلية.

ومن الانحرافات التي وقع فيها المتصوفة بسبب غلوهم في الرسول صلى الله عليه وسلم ما يلي:

١ـ الانحراف الأول: اعتقادهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خلق من نور وأنه أول مخلوق على الإطلاق وأن الله خلق من نور محمد جميع ما في هذا الكون من أرض وسماء وما فيهما بينهما:

وإليك النصوص من بطون كتب القوم. قال أحمد بن المبارك راويا عن شيخه عبدالعزيز الدباغ: (وسمعته رضي الله عنه يقول في قوله: "وانفلقت الأنوار" أن أول ما خلق الله تعالى نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم خلق منه القلم والحجب السبعين وملائكتها ثم خلق اللوح ثم قبل كماله وانعقاده خلق العرش والأرواح والجنة والبرزخ .. " ثم قال مفصلا ما مضى: "ثم إن الله تعالى خلق ملائكة الأرضين من نوره صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يعبدوه عليها وأما الأرواح والجنة إلا مواضع منها فإنها أيضا خلقت من نور وخلق ذلك النور من نوره صلى الله عليه وسلم وأما البرزخ فنصفه الأعلى من نوره صلى الله عليه وسلم فخرج من هذا أن القلم واللوح ونص البرزخ والحجب السبعين جميع ملائكتها وجميع ملائكة السموات والأرضين كلها خلقت من نوره صلى الله عليه وسلم بلا وأن العرش والماء والجنة والأرواح خلقت من نور خلق من نوره صلى الله عليه وسلم" (١).

هذا هو النموذج الأول مما تعتقده الصوفية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ادعوا في هذا النص بأن أول ما خلق الله نور الرسول صلى الله عليه وسلم وأن جميع ما في هذا الكون خلق من نوره صلى الله عليه وسلم.


(١) ((الإبريز)) لعبد العزيز الدباغ (ص: ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>