للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السابع: الأصل في البشرية هو الوحدة والجماعة على التوحيد]

الأصل في البشرية هو الوحدة والجماعة على التوحيد .. والتفرق والاختلاف في الشرك بالله تعالى طارئ حادث.

يقول الله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [البقرة: ٢١٣].

فيخبر الله عز وجل في هذه الآية أن الناس كانوا أمة واحدة أمة مجتمعة على ملة واحدة ودين واحد فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين (١).وقيل: إن وقت كون الناس أمة واحدة على دين التوحيد يوم استخرج ذرية آدم من صلبه فعرضهم على آدم, يقول أبي بن كعب رضي الله عنه: " كانوا أمة واحدة حيث عرضوا على آدم ففطرهم يومئذ على الإسلام وأقروا له بالعبودية وكانوا أمة واحدة مسلمين كلهم ثم اختلفوا من بعد آدم (٢) فالله سبحانه إنما بعث الرسل وأنزل الكتب عند الاختلاف. فالأصل في البشرية هو الاجتماع على التوحيد الخالص لله عز وجل, والأصل أن الناس كانوا مجتمعين على الدين الواحد دين التوحيد وأنه ما إن دب الشرك في الأمة إلا وقارنته الفرقة فاستلزم بعثة الأنبياء والرسل رحمة من الله تعالى بالناس وإعذارا لهم فهو سبحانه كما في الحديث: ((ولا أحد أحب إليه من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين)) (٣).


(١) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٤/ ٢٧٥)، والحاكم (٢/ ٥٩٦). وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير في ((تفسيره)) (١/ ٥٦٩): أصح سندًا. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٧/ ٨٥٤): صحيح ... وإن كان موقوفاً روايةً فهو مرفوعٌ درايةً.
(٢) رواه الطبري في ((تفسيره)) (٤/ ٢٧٨)، وابن أبي حاتم (٢/ ٧٤).
(٣) رواه البخاري (٧٤١٦) بلفظ: (( ... ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة)).

<<  <  ج: ص:  >  >>