[المبحث السابع: الأبدال السبعة ووظائفهم]
قال الشعراني: وقال الشيخ أيضاً في الباب الخامس عشر: "اعلم أن لكل بدل من الأبدال السبعة قدراً، يمده من روحانية الأنبياء الكائنين في السماوات فينزل مدد كل بدل من حقيقة صاحبه الذي في السماء. قال: وكذلك أمداد الأيام السبعة فتنزل من هؤلاء الأبدال لكل يوم مدد يختص به من ذلك البدل.
(فإن قلت) وهل يزيد الأبدال وينقصون بحسب الشئون التي يبدلها الحق تعالى أو هم على عدد واحد لا يزيدون ولا ينقصون؟؟
(فالجواب) هم سبعة لا يزيدون ولا ينقصون وبهم يحفظ الله الأقاليم السبعة ومن شأنهم العلم بما أودع الله تعالى في الكواكب السيارة من الأمور والأسرار في حركاتها ونزوله في المنازل المقدرة.
(فإن قلت) فلم سموا أبدالاً؟ (فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب الثالث والسبعين:
أنهم سموا أبدالاً لأن كل واحد منهم إذا فارق مكانه خلفه فيه شخص على صورته لا يشك الرائي أن ذلك البدل.
(فإن قلت) فهل ترتيب الأقاليم السبعة على صورة ترتيب السماوات بحيث يكون ارتباط الإقليم الأول بالسماء السابعة والثاني بالسماء السادسة وهكذا ..
(فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب الثمن والتسعين ومائة: نعم يكون روحانية كل إقليم مرتبطة بالسماء المشاكلة له فالإقليم الأول للسماء السابعة وهكذا ..
(وإيضاح ذلك) أن تعلم يا أخي أن الله تعالى جعل هذه الأرض التي تجن عليها سبعة أقاليم (أي سبع قارات هي قارات العالم المعروفة)، واصطفى من عباده المؤمنين سبعة سماهم الأبدال وجعل لكل بدل إقليماً يمسك الله وجود ذلك الإقليم به فالإقليم الأول ينزل الأمر إليه من السماء الأولى التي هي السابعة وينظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه هو على قلب الخليل إبراهيم عليه السلام والإقليم الثاني ينزل الأمر إليه من السماء الثانية وينزل إليه الروحانية كوكبها الأعظم والبدل الذي يحفظه على قلب موسى عليه السلام والإقليم الثالث ينزل إليه الأمر الإلهي من السماء الثالثة وينظر إليه روحانية كوكبها البدل الذي يحفظه على قلب هارون ويحيى بتأييد الرابعة قلب الأفلاك كلها وينظر إليه روحانية كوكبها الأعظم والبدل الذي يحفظه على قلب إدريس عليه السلام وهو القطب الذي لم يمت إلى الآن والأقطاب فينا نوابه كما مر والإقليم الخامس ينزل إليه الأمر من السماء الخامسة وينظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظ الله به هذه الأقاليم على قلب يوسف عليه السلام بتأييد محمد صلى الله عليه وسلم والإقليم السادس ينزل الأمر عليه من السماء السادسة وينظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه على قلب عيسى روح الله ويحيى عليهما السلام والإقليم السابع ينزل الأمر إليه من السماء الدنيا وينظر إليه روحانية كوكبها والبدل الذي يحفظه على قلب آدم عليه السلام.
قال الشيخ: وقد اجتمعت بهؤلاء الأبدال السبعة بمكة خلف حطيم الحنابلة حيث وجدتهم يركعون هناك فسلمت عليهم وسلموا علي وتحدثت معهم فما رأيت أحسن منهم سمتاً ولا أكثر شغلاً منهم بالله عز وجل، وما رأيت مثلهم إلا سقيط الرفرف بن ساقط العرش بقونية وكان فارسياً رضي الله عنه وقد أطال الشيخ الكلام على أصحاب الدوائر من الأولياء في الثالث والسبعين من الفتوحات فراجعه والله أعلم" انتهي منه بلفظه (اليواقيت والجواهر ج٢ ص٨٣).
وهكذا استطاع المتصوفة نقل عقائد الصابئة الذي كانوا في عهد إبراهيم عليه السلام وهم عبدة النجوم والكواكب الذين يؤمنون بأن لكل كوكب روحاً يتصرف في الخلق، وصوروا تماثيل لروحانية القمر والشمس والمشتري والزهرة .. الخ .. وعبدوها .. نقل الصوفية هذه العقائد الوثنية الجاهلية إلى الفكر الإسلامي وجعلوها عقيدة من عقائد المتصوفة ومن أجل ذلك قال ابن عربي:
عقد البرية في الإله عقائدا ... وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه
وما ذلك إلا لأنه يؤمن أنه ليس إلا الله في الكون!!!!
المصدر:الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق - ص ٢٤٢ - ٢٤٤